الجمعة، 11 يوليو 2014

ثوريون في عدن .. حراكيون في صنعاء


ربما تعتقد سلطات صنعاء أنها تستطيع احتواء العناصر القيادية في الثورة الجنوبية باحتوائها لأولئك الذين قيل أنه استدعاهم الرئيس هادي إلى صنعاء تحت تسميات أو صفات مختلفة مثل "مؤسس الحراك" أو "داعم" الحراك ، أو ربما "مهندس" الحراك أو "منظّر" الحراك أو "حقوقي" الحراك أو غير ذلك من التسميات التي قد تنتقص من مواقف بعض من أصحاب تلك الصفات الذين قد يعلنون يوماً انضمامهم إلى قائمة " تأييد الرئيس مؤقتاً ".

وكيفما كانت مبررات الاستجابة لتلك الدعوة ، فالهدف واحد ، هو  تكريس مخططات النظام الهادفة إلى إفشال التقارب بين العناصر القيادية في الثورة الجنوبية ، لكنها  لن تستطيع التأثير مطلقاً على مسيرة الثورة الشعبية الجنوبية التي لا تربطها صلة بتلك العناصر التي  "تكشف" بأنها ربما ساهمت  في "الحراك الجنوبي" كأوراق لتتمكن السلطة من استخدامها على مراحل ، وفي فرص مواتية كهذه التي وصلت إليها ،  ولتثبت بأنها – وإن انتمت يوما إلى الحراك - لكنها لم تكن تنتمي قط إلى الثورة الجنوبية .

وهكذا ، فالجنوبيين الذين التحقوا بالحوار اليمني لم يدعون انتمائهم إلى الثورة الجنوبية ، بل ذهبوا بالصفة التي أجازتها لهم السلطة ، هي "الحراك الجنوبي" وليس الثورة الجنوبية . وبالمثل فهي تحاول مجدداً التأكيد بأن هناك ممن أسسوا الحراك الجنوبي يقومون حالياً بدور مكمل لما قام به السابقون باسم الحراك . وعلى الرغم من أن السلطة تعتبر الحراك الجنوبي عملاً سياسياً  له شخص مؤسس ، لكنها تدرك أنه في الواقع  المعنى الآخر للثورة ، ولا يمكن اعتباره شركة استثمارية  يمكن لفرد أو أفراد تأسيسها أو شراء أسهماً فيها . فالذي ينتمي إلى الثورة يظل متمسكاً بها وبأهدافها الواضحة أينما كان .

لقد أتفق الجنوبيون على كناية ثورتهم الشعبية السلمية بــ "الحراك" السلمي خلال السنوات الأولى ، تجنباً للمزيد من بطش السلطة بالجماهير التي خرجت إلى الميادين بشكل اعتصامات ومسيرات ومظاهرات وغير ذلك ، مثلها مثل أي ثورة تبدأ بالاحتجاج على وضع معين أو بالمطالبة بحقوق معينة ، إلى أن تتوسع المشاركة الشعبية لتتمكن لاحقاً من الإعلان عن نفسها كثورة شعبية سلمية ... وأكثر من هذا ، فإن ما حصل ويحصل في الجنوب - وتؤكده التنظيمات الثورية الجنوبية في كافة الوثائق التي تسترشد بها في عملها الثوري السلمي - هي ثورة تحريرية مستمرة منذ احتلال دولة الجنوب عام 1994م ، على الرغم من احتفاظ بعض التنظيمات بتسمية "الحراك ".

ولذلك لا أحد يستطيع الإدعاء بأنه "أسس" ثورةً أو حراكاً ، إلا من أراد قول هذا كنوعٍ من التهريج .. وحيث أن كل صاحب مبدأ لا يستطيع التراجع أبداً عن مبدئه ، وكل ثوري لا يستطيع التراجع أبدأ عن ثورته ، مهما كانت الإغراءات ، فإننا عندما نرى جنوبياً مؤيداً لسلطة صنعاء ، لن نتوقع أبداً أن يكون "متراجعاً" !! .


د. عبيد البري

الشيخ حسين بن شعيب .. وخطبة التشنج من أجل القيادة


في خطبة الجمعة بالمعلا  يوم 6 يونيو الماضي ، أستهل الشيخ حسين بن شعيب  خطبته المتشنجة بالقول : " إنني مع المؤتمر الجامع ومع من يخرج شعب الجنوب من هذا المأزق الذي وقعنا فيه ... ومن يريد أن ينقذنا من حالة الفوضى والتشرذم الذي وقعنا فيها فنقول له تفضل وعلى العين والرأس ". وسمعناه ايضاً يخاطب الرئيس علي سالم البيض بأن يحسم أمره ، وأن يحزم ما يجري من أمور مقلقة في ساحة الجنوب .

لم تكن هذه المرة الأولى التي نسمع فيهاً تشويهاً لسلوكنا كشعب ، سواءً من على منبر الجمعة في المعلا أو من على منابر أخرى ، من شخصيات دينية أو غيرها . فبدلاً من أن ننتظر من الهيئة الشرعية النصح والتروي والتهدئة ، كنا قد شاهدنا الشيخ بن شعيب قبل انعقاد مؤتمر المنصورة للحراك عام 2012م على شاشة "عدن لايف" يدلي بفتوى قال فيها : (مؤتمر المجلس الأعلى للحراك غير شرعي لأن الرئيس البيض غير موافق عليه) ..

وأثناء انعقاد مؤتمر المنصورة أجتمع بن شعيب بالمنشقين في إحدى قاعات فندق المركيور ، ثم ظهرت الاتهامات بتخوين الزعيم بشكل واضح خلال أيام قليلة بعد المؤتمر ، فأنشأ المنشقون فصيلاً أخر وعقدوا مؤتمراً آخر ثم اتخذوا لجناحهم اسماً آخر ثم تعاهد بن شعيب معهم فكانت النتيجة هي المأزق الذي يتحدث عنه في الخطبة .

وإذ جاءت خطبته هذه بعد 3 أيام من توليه رئاسة "لجنة التوافق" التي تشكلت – بتوجيه من جهة غير معروفة حتى الآن – لتكون بديلاً عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع بغرض التحكم بمدخلات ومخرجات المؤتمر بعيداً عن اللجنة التحضيرية والمضي قدماً بما سمي "خارطة الطريق" المرسومة سراً لــ(لجنة التوافق) ، والله أعلم ، فليس عدلاً إلصاق صفة الفوضى بالشعب أو الاستهانة بالثورة بالطريقة التي قالها بن شعيب : "من أراد أن يثبت كفاءته فليقدم لنا مشروعا ليخرجنا من حالة الفوضى والتشرذم والتشظي ... أي ثورة هذه التي نكيل فيها التهم لبعضنا " .

فهل نسمح بإهانة الشعب الجنوبي عامة بتعميم صفات (الفوضى والتشرذم والتشظي) على حال المجتمع الجنوبي بدون الإشارة إلى القيادات ؟! . هل يوجد من يستطيع القول أنه رأى أو سمع عن شعب بهذه العظمة وبهذه الأخلاق والانسجام والتلاحم والانتظام الذي رأيناه في 13 مليونية ؟! .. وهل قصد رئيس الهيئة في خطبته بـ"الذين هم إما غائبون عن الوعي أو يكيلون التهم لتنفيذ أجنداتهم" أنهم من خارج هذا الشعب ؟! .. لماذا لا تكون واضحة وصادقة بتحديد مواطن الفوضى والتشرذم بدلاً من تعميمها لوصم الشعب بها ولزرع الإحباط في النفوس كما يفعله الأعداء ؟!.

وأما كيف فهمنا أن من شأن هذا الخطاب إلصاق صفة الفوضى بالشعب الجنوبي بنفس الطريقة التي يريدها الأعداء ، فتكفي الإشارة إلى أنه في الوقت الذي كانت أذهاننا منصرفة إلى أن كل ما كان يتحدث عنه بن شعيب ليس إلا نتيجة واضحة لتناقضات "الزعماء الأربعة" وغيرهم ، وانعكاساتها على التابعين لهم من العناصر القيادية في الداخل ، إلا إننا سمعناه يوجه ثلاثة نداءات إلى كل من علي ناصر وعبد الرحمن الجفري وحيدر العطاس ، مؤكداً نزاهتهم بقوله : "أنتم القيادة جميعا ، ولا أحد ينال منكم إلا إنسان حاقد وخبيث" .

أخيراً ، هل يجوز أن "الهيئة الشرعية للإفتاء والإرشاد" تحول وظيفتها  تدريجياً من واجب النصيحة إلى ضرورة القيادة ؟! . وهل يجوز أن نسمع سفهاً باسم الهيئة أو لجنة التوافق مثلما أشار بن شعيب من على منبر قناة "عدن لايف" بأن لجنة التوافق تشكلت لأن اللجنة التحضيرية تحولت إلى مناكفات وأن لها أخطاء كثيرة ؟! .. من قال له هذا عن اللجنة التحضيرية التي رفض عضويتها ليحل الآن محلها ؟!.

وختاماً ، قلت قولي هذا لتهذيب خطاب الهيئة الشرعية ، والله أعلم بما في القلوب .
  
د. عبيد البري

الخميس، 3 يوليو 2014

إلى أين ستذهب الهيئة الشرعية بمشروع المؤتمر الجامع

بعد امتداد الانتفاضة التي قادها حزب الإصلاح ضد نظام صنعاء إلى عدن ، تم إشهار الهيئة الشرعية الجنوبية بعدن بحضور محمد علي أحمد  في 12 مايو 2012م  ، وعُرِّفت الهيئة حينها بأنها " هيئة دينية تعني بشؤون الجنوب وقضيته خصوصاً وقضايا الأمة الإسلامية عموماً " .. بمعنى أن مهمتها لا تنحصر بالشأن الجنوبي فقط . وأُشير حينها إلى أن أهم وأبرز أهدافها هو " التأصيل الشرعي للقضية الجنوبية  للوصول إلى رؤية شرعية عادلة بما يلبي طموحات الشعب الجنوبي ". لكنها أنقضت سنتان ولم توجد أية رؤية شرعية ، ولا ما أسموه "التأصيل الشرعي" للقضية ! .

ولقد طالبنا كثيراً بضرورة البحث عن رجال دين جنوبيين ليشكلوا أي اصطفاف ديني على صعيد وطننا الجنوبي المحتل ، وبخاصة خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الثورة الجنوبية .. رجال يستطيعون قول كلمة الحق بعد غيابهم عن قولها خلال السنوات الطويلة من الظلم ، لاسيما بعد صدور فتوى الحرب البشعة على الجنوب ؛ ولم يؤدي بعدها أي من رجال الدين الجنوبيين أمانتهم الدينية في مواجهة سفه رجال الدين الشماليين على الشعب الجنوبي .

ومع ذلك استبشرنا خيراً بإشهار الهيئة الشرعية الجنوبية ، وخاصة أن الشيخ حسين بن شعيب أكد عند إشهارها : " بأن هذه الهيئة ليست مكون من مكونات  الثورة الشعبية السلمية الجنوبية ، إنما هي تؤازرها وتكون ورقة عمل للفتوى والدعوة والإرشاد حتى تقوم بدورها وواجبها في النصح والتوجيه ونصرة أبناء الجنوب في قضيتهم العادلة نحو التحرير والاستقلال ". لكن الشيخ بن شعيب كرئيس للهيئة أنضم إلى المجلس الأعلى للحراك ،  وكانت أولى فتاواه هي : "عدم شرعية مؤتمر المنصورة للمجلس الأعلى للحراك" فكانت النتيجة حدوث الانشقاق في قيادة الحراك ، وهذا هو لب المشكلة الرئيسية القائمة اليوم .

ومن نافلة القول ، كان الشيخ بن شعيب قد رفض عضوية اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع ، ثم  تراجع عن الالتحاق بالجبهة الوطنية الجنوبية التي تأسست بقرار من قيادة مجلس الثورة التي كان ينتمي إليها - وتكونت منها الجبهة بشكل رئيسي - فترك مجلس الثورة ليترأس ما أسموه تضليلاً : "لجنة التوافق لمكونات الحراك الجنوبي" ، وقيل عنها بأنها تضم في عضويتها رئاسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع وممثلين عن ( كافة !!) المكونات الجنوبية والفئات والشرائح والشخصيات الاجتماعية . ومن المؤسف أن رئيس الهيئة الشرعية -الذي حمَّل نفسه الأمانة- قد ظهَر على قناة "عدن لايف" قائلاً : (شكلنا لجنة التوافق لأن اللجنة التحضيرية تحولت إلى لجنة مناكفة) . ومن المؤسف أيضاً أننا  لم نستطع معرفة  السر الكامن خلف هذه التصرفات التي يقوم بها .

ولقد أوضحت في مقال سابق أن ما تنشره لجنة التوافق من تقارير لتفيد بأنها عملت وتعمل على مناقشة وثائق استلمتها من اللجنة التحضيرية هو مجرد تدليس تضلل به عامة الشعب ؛ لأن اللجنة التحضيرية لم تقدم لها أي وثائق مطلقاً . ولم أتوقع بعد ذلك أن تكرر لجنة التوافق برئاسة بن شعيب نشر خبر آخر يوم السبت 28 يونيو 2014م لــ "عدن الغد" أشير فيه : أن لجنة التوافق للمؤتمر الجنوبي الجامع عقدت اجتماعاً لها عصر يوم (الجمعة) ، وفيه اطلع الشيخ حسين بن شعيب كل أعضاء لجنة التوافق على الخطوات التي أنجزتها  الهيئة الإدارية ومن ضمنها دراسة الوثائق المقدمة من اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع ... والتأكيد أن عمل هذه اللجنة هو مكمل لعمل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع وسيستمر حتى انعقاد المؤتمر .

فهل يُعقل الحديث عن لجنة توافق لا تعبر عن التوافق المطلوب لمؤتمر جامع لكافة قوى الثورة السلمية ؟! ... أليس ما تفعله لجنة التوافق هو إقصاءً لمكونات الثورة الرئيسية ، وليس فقط إقصاءً للجنة التحضيرية ؟! .. كيف اُنضمت كل من الهيئة الشرعية وتيار مثقفون من أجل جنوب جديد إلى المكونات وقد أكدا رئيسهما بأنهما ليسا كذلك ؟! .. وكيف يمكن الحديث عن توافق لمجموع المكونات الـ (22) التي أُعلن عنها لتذهب وحدها إلى مؤتمر جامع وهي على الشكل التالي ؟! :
(أولا) مكونات لفئة الشباب التي تمثل مكون مجتمعي واحد :
(1) التكتل الشبابي المتحد لتحرير الجنوب (2) الجبهة الشبابية المتحدة لتحرير الجنوب (3) حركة شباب عدن التحررية السلمية (4) تجمع شباب عدن الثوري (5) ملتقى الشباب الجنوبي التحرري (6) اتحاد شباب الجنوب (7) شباب 16 فبراير (8) رابطة الشباب الديمقراطي "رشد" ..
(ثانيا) مكونات تنتمي أو ينتمي أعضاؤها إلى مكونات أخرى أو أحزاب سياسية :
(1) جمعية المتقاعدين العسكريين  (2) المنتدى الأكاديمي (3) الهيئة الشرعية للإفتاء والإرشاد (4) تيار مثقفون من أجل جنوب جديد (5) تجمع الأحرار الجنوبي (6) تجمع القوى المدنية الجنوبية (7) الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب ..
(ثالثا) مكونات تمثل انشقاقات لمكونات وأحزاب أخرى :
(1) حزب رابطة أبناء الجنوب العربي الحر  (2) التجمع الوطني الديمقراطي "تاج" (3) المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لتحرير الجنوب (4) القيادة الجماعية لجبهة التحرير والتنظيم الشعبي ..
(رابعاً) مكونات في إطار محافظة عدن :
(1) مجلس عدن الوطني (2) مجلس عدن الوطني الحر ..
(خامسا) منظمة جماهيرية لم تتكون بعد : (1) الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب.

وأخيراً ، فإن ما يجدر الإشارة إليه في هذا المقال هي النقاط الثلاث التالية :
(أولا) إن إصرار رئيس الهيئة الشرعية على دخول لجنة التوافق وترؤسها لإقصاء الآخرين والذهاب إلى المؤتمر بالمكونات المذكورة أعلاه ، لا يعني إلا السير قدماً نحو إظهار النتيجة التالية : (فشل التحضير لمؤتمر جامع للدلالة على أن الجنوبيون غير متفقين على هدف الاستقلال( ؛ وهذه هي النتيجة التي تريد السلطة وضعها عنواناً للجنوبيين .
(ثانيا) يجب رفد اللجنة التحضيرية بعضو واحد من كل من المكونات التي لم تقتنع بعد بتركيبة اللجنة ، وأن تقوم بمهامها دون أي تدخل من أي طرف ، ولو تطلب الأمر أن تعقد معظم اجتماعاتها بصورة علنية ، حتى تتابع الجماهير ما يجري ، فيكون الاحتكام للشعب الجنوبي .
(ثالثا) يتعين على الهيئة الشرعية أن لا تتدخل في مشروع المؤتمر الجامع ولا في عمل مكونات الثورة عدا ما كان من باب تقديم النصيحة فقط ، وأن يتركز اهتمامها على التعاون لمواجهة الإرهاب الفكري باسم الدين  أو أي ظواهر سيئة دخيلة على المجتمع الجنوبي .

والله ولي الهداية والتوفيق .

د. عبيد البري