الخميس، 3 يوليو 2014

إلى أين ستذهب الهيئة الشرعية بمشروع المؤتمر الجامع

بعد امتداد الانتفاضة التي قادها حزب الإصلاح ضد نظام صنعاء إلى عدن ، تم إشهار الهيئة الشرعية الجنوبية بعدن بحضور محمد علي أحمد  في 12 مايو 2012م  ، وعُرِّفت الهيئة حينها بأنها " هيئة دينية تعني بشؤون الجنوب وقضيته خصوصاً وقضايا الأمة الإسلامية عموماً " .. بمعنى أن مهمتها لا تنحصر بالشأن الجنوبي فقط . وأُشير حينها إلى أن أهم وأبرز أهدافها هو " التأصيل الشرعي للقضية الجنوبية  للوصول إلى رؤية شرعية عادلة بما يلبي طموحات الشعب الجنوبي ". لكنها أنقضت سنتان ولم توجد أية رؤية شرعية ، ولا ما أسموه "التأصيل الشرعي" للقضية ! .

ولقد طالبنا كثيراً بضرورة البحث عن رجال دين جنوبيين ليشكلوا أي اصطفاف ديني على صعيد وطننا الجنوبي المحتل ، وبخاصة خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الثورة الجنوبية .. رجال يستطيعون قول كلمة الحق بعد غيابهم عن قولها خلال السنوات الطويلة من الظلم ، لاسيما بعد صدور فتوى الحرب البشعة على الجنوب ؛ ولم يؤدي بعدها أي من رجال الدين الجنوبيين أمانتهم الدينية في مواجهة سفه رجال الدين الشماليين على الشعب الجنوبي .

ومع ذلك استبشرنا خيراً بإشهار الهيئة الشرعية الجنوبية ، وخاصة أن الشيخ حسين بن شعيب أكد عند إشهارها : " بأن هذه الهيئة ليست مكون من مكونات  الثورة الشعبية السلمية الجنوبية ، إنما هي تؤازرها وتكون ورقة عمل للفتوى والدعوة والإرشاد حتى تقوم بدورها وواجبها في النصح والتوجيه ونصرة أبناء الجنوب في قضيتهم العادلة نحو التحرير والاستقلال ". لكن الشيخ بن شعيب كرئيس للهيئة أنضم إلى المجلس الأعلى للحراك ،  وكانت أولى فتاواه هي : "عدم شرعية مؤتمر المنصورة للمجلس الأعلى للحراك" فكانت النتيجة حدوث الانشقاق في قيادة الحراك ، وهذا هو لب المشكلة الرئيسية القائمة اليوم .

ومن نافلة القول ، كان الشيخ بن شعيب قد رفض عضوية اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع ، ثم  تراجع عن الالتحاق بالجبهة الوطنية الجنوبية التي تأسست بقرار من قيادة مجلس الثورة التي كان ينتمي إليها - وتكونت منها الجبهة بشكل رئيسي - فترك مجلس الثورة ليترأس ما أسموه تضليلاً : "لجنة التوافق لمكونات الحراك الجنوبي" ، وقيل عنها بأنها تضم في عضويتها رئاسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع وممثلين عن ( كافة !!) المكونات الجنوبية والفئات والشرائح والشخصيات الاجتماعية . ومن المؤسف أن رئيس الهيئة الشرعية -الذي حمَّل نفسه الأمانة- قد ظهَر على قناة "عدن لايف" قائلاً : (شكلنا لجنة التوافق لأن اللجنة التحضيرية تحولت إلى لجنة مناكفة) . ومن المؤسف أيضاً أننا  لم نستطع معرفة  السر الكامن خلف هذه التصرفات التي يقوم بها .

ولقد أوضحت في مقال سابق أن ما تنشره لجنة التوافق من تقارير لتفيد بأنها عملت وتعمل على مناقشة وثائق استلمتها من اللجنة التحضيرية هو مجرد تدليس تضلل به عامة الشعب ؛ لأن اللجنة التحضيرية لم تقدم لها أي وثائق مطلقاً . ولم أتوقع بعد ذلك أن تكرر لجنة التوافق برئاسة بن شعيب نشر خبر آخر يوم السبت 28 يونيو 2014م لــ "عدن الغد" أشير فيه : أن لجنة التوافق للمؤتمر الجنوبي الجامع عقدت اجتماعاً لها عصر يوم (الجمعة) ، وفيه اطلع الشيخ حسين بن شعيب كل أعضاء لجنة التوافق على الخطوات التي أنجزتها  الهيئة الإدارية ومن ضمنها دراسة الوثائق المقدمة من اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع ... والتأكيد أن عمل هذه اللجنة هو مكمل لعمل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع وسيستمر حتى انعقاد المؤتمر .

فهل يُعقل الحديث عن لجنة توافق لا تعبر عن التوافق المطلوب لمؤتمر جامع لكافة قوى الثورة السلمية ؟! ... أليس ما تفعله لجنة التوافق هو إقصاءً لمكونات الثورة الرئيسية ، وليس فقط إقصاءً للجنة التحضيرية ؟! .. كيف اُنضمت كل من الهيئة الشرعية وتيار مثقفون من أجل جنوب جديد إلى المكونات وقد أكدا رئيسهما بأنهما ليسا كذلك ؟! .. وكيف يمكن الحديث عن توافق لمجموع المكونات الـ (22) التي أُعلن عنها لتذهب وحدها إلى مؤتمر جامع وهي على الشكل التالي ؟! :
(أولا) مكونات لفئة الشباب التي تمثل مكون مجتمعي واحد :
(1) التكتل الشبابي المتحد لتحرير الجنوب (2) الجبهة الشبابية المتحدة لتحرير الجنوب (3) حركة شباب عدن التحررية السلمية (4) تجمع شباب عدن الثوري (5) ملتقى الشباب الجنوبي التحرري (6) اتحاد شباب الجنوب (7) شباب 16 فبراير (8) رابطة الشباب الديمقراطي "رشد" ..
(ثانيا) مكونات تنتمي أو ينتمي أعضاؤها إلى مكونات أخرى أو أحزاب سياسية :
(1) جمعية المتقاعدين العسكريين  (2) المنتدى الأكاديمي (3) الهيئة الشرعية للإفتاء والإرشاد (4) تيار مثقفون من أجل جنوب جديد (5) تجمع الأحرار الجنوبي (6) تجمع القوى المدنية الجنوبية (7) الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب ..
(ثالثا) مكونات تمثل انشقاقات لمكونات وأحزاب أخرى :
(1) حزب رابطة أبناء الجنوب العربي الحر  (2) التجمع الوطني الديمقراطي "تاج" (3) المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لتحرير الجنوب (4) القيادة الجماعية لجبهة التحرير والتنظيم الشعبي ..
(رابعاً) مكونات في إطار محافظة عدن :
(1) مجلس عدن الوطني (2) مجلس عدن الوطني الحر ..
(خامسا) منظمة جماهيرية لم تتكون بعد : (1) الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب.

وأخيراً ، فإن ما يجدر الإشارة إليه في هذا المقال هي النقاط الثلاث التالية :
(أولا) إن إصرار رئيس الهيئة الشرعية على دخول لجنة التوافق وترؤسها لإقصاء الآخرين والذهاب إلى المؤتمر بالمكونات المذكورة أعلاه ، لا يعني إلا السير قدماً نحو إظهار النتيجة التالية : (فشل التحضير لمؤتمر جامع للدلالة على أن الجنوبيون غير متفقين على هدف الاستقلال( ؛ وهذه هي النتيجة التي تريد السلطة وضعها عنواناً للجنوبيين .
(ثانيا) يجب رفد اللجنة التحضيرية بعضو واحد من كل من المكونات التي لم تقتنع بعد بتركيبة اللجنة ، وأن تقوم بمهامها دون أي تدخل من أي طرف ، ولو تطلب الأمر أن تعقد معظم اجتماعاتها بصورة علنية ، حتى تتابع الجماهير ما يجري ، فيكون الاحتكام للشعب الجنوبي .
(ثالثا) يتعين على الهيئة الشرعية أن لا تتدخل في مشروع المؤتمر الجامع ولا في عمل مكونات الثورة عدا ما كان من باب تقديم النصيحة فقط ، وأن يتركز اهتمامها على التعاون لمواجهة الإرهاب الفكري باسم الدين  أو أي ظواهر سيئة دخيلة على المجتمع الجنوبي .

والله ولي الهداية والتوفيق .

د. عبيد البري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق