الأحد، 8 يونيو 2014

نريد مؤتمرا بتوافق الكل ... لا مؤتمر بالكل المتوافق



إن الوعي بالوضع القائم في الجنوب ووضوح الهدف العام لعقد المؤتمر الجنوبي الجامع هما الشرطان الواجب توفرهما قبل أي خطوة على طريق المؤتمر . فالشرط الأول يتعلق بمدى إدراك اللجنة التحضيرية للمهمة ، أما الثاني فيتعلق بالقوى المستهدفة التي لا نستطيع أن نأتي بها إلى المؤتمر قبل أن يكون الهدف واضحا لديها بأدق تفاصيله ، الأمر الذي يتطلب من رئاسة اللجنة التحضيرية أن توليه جل اهتمامها حتى لا يبقى أي سؤال عن المؤتمر ، مثل : من نجمع ؟ .. كيف نجمع ؟ .. ماذا سنفعل ؟ .. ما الذي يضمن ؟ .. ما هو الأساس ؟ .. كيف سنكون ؟ .. أو ما هو المرجع ؟.. أو غير ذلك .

وتجنباً لإطالة هذا المقال ، سأتطرق إلى  خمس نقاط ، أرى أنه يتعين على رئاسة اللجنة التحضيرية أخذها في الاعتبار :
(أولا) إن الجماهير تعلق الأمل ، بعد الله ، بأن يتحقق عبر المؤتمر الجامع ما يجمع الكل فينهي ظاهرة التناقض والتسابق والتعدد والتباعد بقدر الإمكان . ولكن لأسف بدأت رئاسة اللجنة عملها بتكريس الظاهرة نفسها بتشكيل لجنة أخرى باسم لجنة التوافق لتقوم بعمل اللجنة التحضيرية فأوجدت بذلك مشكلة من جنس ما هو قائم في الواقع .

(ثانيا) إن نجاح المؤتمر مرهون بنجاح اللجنة التحضيرية . وهذا لن يتأتى إلا إذا كانت قيادتها أكثر فهماً  للمهمة وأكثر قدرة على تنظيم العمل وعلى الإمساك بجميع الخيوط ، فضلاً عن ضرورة وجود الانسجام والتفاهم مع الأعضاء حتى يكون العمل منسقاً وإيجابياً ومبدعاً ، خاصة مع وجود كفاءات جامعية في عضوية اللجنة .

(ثالثا) إن رئاسة اللجنة أمام مشروع وطني عظيم ، ويتعين عليها – بالضرورة - أن تمتلك ولو أدنى تصور مقبول عن كيفية إنجاز كل مهمة ، سواءً كانت منفصلة أو مرتبطة بإنجاز مهام أخرى . فهدف "التحرير والاستقلال" مثلاً ، ليس شعاراً يكتب على يافطة ، وكتابة الرؤية السياسية ليست كسيناريو مسرحية ، ومهمة جمع قوى الثورة ليست كعملية حسابية ، كما أن مهمة توحيد القيادة لا تتم بالترهيب ولا بالترغيب ، إلا إن لكل قفل مفتاح لا بد من التعرف عليه إذا ما أردنا الوصول إلى كل الأبواب .

(رابعا) إن وضوح الهدف والرؤية والتخطيط السليم لإنجاز مهام التحضير للمؤتمر وتحديد موعد انعقاده في الوقت المناسب والمكان المناسب لا بد أن يرافقه قدر كبير من الشفافية والوضوح ، وقدر أكبر من العمل على تهيئة الجماهير وإعدادها للتفاعل مع المؤتمر والمشاركة في إنجاحه باعتبار الشعب هو المعني بالأمر والداعم لأي عمل سياسي ناجح .

(خامسا) إن الإعداد لهذا المؤتمر يختلف عن الإعداد للمؤتمرات الحزبية ، ولذلك يجب أن يسبقه حوارات بين كل القوى للوصول إلى التوافق على معظم القضايا إن لم تكن كلها . وفي هذا السياق ، لا يجوز أن تصر رئاسة اللجنة على التعامل فقط مع "من حضر" من المتوافقين ، بحجة عدم تجاوب بقية المكونات عبر "لقاءات شخصية" ... أليس ذلك تناقضاً مع مفهوم "الجامع" وتوجها واضحا نحو تشكيل مكون جديد مهما صدرت من تصريحات نفي ؟! ... أليس الواجب على من لا يجد نفسه مؤهلاً للقيام بالمهمة أن يترك المجال لمن يستطيع إنجازها ؟! .

وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أنه يجب على رئاسة اللجنة أن توضح بما يكفي لطمأنة المشاركين عن الجهة المنظمة للمؤتمر ، وعن مصدر التمويل لتغطية أعمال التحضير وكافة تكاليف المؤتمر .


د. عبيد البري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق