الجمعة، 8 مارس 2013

سلاح الشعب الجنوبي رايته .. فليحترم اليمنيون رايتهم الوطنية


تحمل الراية الوطنية لكل دولة رمزية مقدسة تتمثل بالاستقلال والسيادة الوطنية والعدالة والثقافة والعقيدة وغير ذلك من القيم السامية للشعوب .. وتتمثل الرمزية وطبيعة النظام في ألوان أو خطوط أو رسوم معينة في إطار العلم الذي تتحدد نسبة طوله إلى عرضه بدقة . وبفقدان السيادة على الوطن يفقد العلم قيمته .

وحيث أن العلم الوطني ملكاً للشعوب التي تقدم أرواحها وكل أنواع التضحيات من أجل الدفاع عنه كرمز مقدس للوطن والوطنية بحيث لا يجوز التهاون بما يحمله من رمزية ، فالعلم الوطني ليس ملكاً لقيادات الأنظمة المتعاقبة على حكم الشعوب ولا يعبر عنها .. وهكذا نرى الشعوب تعبر عن نفسها برفع أعلامها الوطنية في كل ثوراتها على الأنظمة المضطهدة لها ، لترمز بها بأن الشعب هو المالك للوطن وهو صانع الدولة ونظامها .. والحال كذلك في رفع العلم الجنوبي .

فعلى سبيل المثال ، تكونت دولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية في البدء من وحدة 4 دول ثم صارت عام 1956 تضم 15 دولة سوفيتية في دولة أممية واحدة خضعت لنظام اشتراكي سواءً بالاتفاق أو بالاحتلال ؛ واستطاع النظام أن يلغى أنظمة الجمهوريات الداخلة في الاتحاد ، لكنه لم يستطع إلغاء ثقافات وعقائد تلك الشعوب أو خصوصية وتاريخ أي منها .
وعندما سقط النظام في مطلع التسعينات ، خرج الشعب في كل جمهورية سوفيتية رافعاً علم دولته السابقة للانفصال عن دولة الاتحاد التي تفككت نهائياً عام 1991م بحصول معظم الجمهوريات على الاستقلال عنها . فأوكرانيا مثلاً هي أكثر الجمهوريات السوفيتية - التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي عام 1991م - اعتزازاً بعلمها الوطني الذي احتفظت به منذ عشرينات القرن الماضي .

إن ما حصل ويحصل للعلم الوطني في الجمهورية اليمنية لا يمكن اعتباره إلا استخفافاً بأهميته واحترامه بشكل لم يسبق له مثيل ؛ فللعلم اليمني رسمياً طول محدد يقدر بثلثي عرضه ، ويقتصر رفعه على المباني الرسمية للدولة وسفاراتها في الخارج ، لكن الملاحظ أن السلطة تبذل أموال طائلة على صناعة العلم لتـنشره بكثافة - في مناطق الجنوب - على طول الشوارع الرئيسية والجولات وحتى على متن المدرعات عندما تكون في وضعها القتالي داخل مدن عدن ؛ كما تحرص السلطة على رفع العلم في عدن بأطول شكل مشوَّه .

من نافلة القول ، أن المملكة المغربية كانت قد حصلت على الرقم القياسي في موسوعة جينيس عندما صنعت علماً بلغت مساحته 60 ألف متر مربع لترفعه على جزيرة الداخلة التي تطالب بها جبهة البوليساريو كجزء من جمهورية الصحراء الغربية بينما المغرب تريد برفع العلم العملاق أن تثبت بأن تلك الجزيرة الغنية بالثروة السمكية تقع تحت سيادتها .. وربما تعمل الجمهورية اليمنية بالمثل لتـثبت أن أرض دولة الجنوب لا تزال تحت سيادتها من خلال رفع ذلك العلم الذي هو بالأصل علم "الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل" في مرحلة ما قبل العام 1967م ، وربما كان الحزب الاشتراكي قد أَعتَـقَد عام 1990 بأن العلم مـثـَّـل رمزاً لشراكته في ما أعتاد - قبل إعلانها بعدة سنوات - على تسميتها "الوحدة اليمنية" ثم صارت تسمى بعد فشلها بـ "الوحدة المباركة" .

وأما خلاصة القول ، فهي أن على السلطة أن تدرك بأن العلم الجنوبي المرفوع حالياً بيد الشعب الجنوبي ليس إلا رمزاً لنضال الشعب الجنوبي في الماضي ورمزاً لثورته السلمية وهدفها في الحاضر ، لأن الدولة الجنوبية لا تزال غائبة .. ولكن لا يجوز التعدي على راية الجنوب بمثل ما سمحت السلطة لنفسها بعد احتلالها الجنوب بإلغاء أسماء شهداء ثورة الجنوب ومنجزاتها بالإضافة إلى محاولات إلغاء تاريخ الشعب وثقافته .

د. عبيد البري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق