الجمعة، 29 مارس 2013

في عدن ظلم وظلام ولهيب .. وفي صنعاء تنمية وجسور وأنفاق !!

    

تتزايد اهتماماتهم  بحل قضية الجنوب ، إلا أن مفهومهم للقضية يختلف تماماً عن المعطيات والحقائق التي تجد تعبيرها على أرض الواقع ! .. ولذلك ، أليس من الواجب التعريف بالقضية أولاً قبل طرحها  للحل  ؟! .. ألم يكن بن عمر  معنياً في القيام بهذا  الدور ؟! .. فمن تعريفها سنعرف الإجابة على السؤال المحير : هل سيتم مناقشة القضية حسب نشوءها وتطورها وخلفياتها ونتائجها وما آلت إليه ، وبالتالي تقييم الوضع الحالي في الجنوب وتسميته ، أم أن الاتجاه  للحل سيكون بحسب النظرة النفعية لحكام صنعاء والقوى النافذة فيه ؟! .

لقد سمعناهم  كثيراً يصفون الوحدة اليمنية بأنها ذلك  الوضع الناشئ بعد الغزو العسكري للجنوب ، حيث أكدوا  بأنها  الوحدة التي " تعمدت بالدم " بدلاً عن أي اتفاقات سابقة على الوحدة بين الشمال والجنوب .. وفي وضع كهذا ، ربما  نجد  في التاريخ إمبراطوريات ضمت إليها دول بالقوة مثلما حصل للجنوب ، لكن لن نجد مثل الظلم الذي وقع على شعب الجنوب بعد الاستيلاء على أرضه وثرواته .. فقد حُرم الشعب الجنوبي من مكاسبه ومقدراته وحتى من حقوقه في الحياة وكل ما يحتاجه الفرد والمجتمع من حقوق يكفلها  الإسلام والعرف والقانون ، وتكفلها القوانين والمواثيق الدولية .

وفضلاً عن انتهاك حقوق الشعب الجنوبي في الحياة ، التي يشهدها العالم بوضوح متمثلة ً بالعدد المتزايد من الشهداء والجرحى في ساحات النضال السلمي ، توجد طرق أخرى للظلم والعقاب الجماعي للشعب ؛ وتنتهك حقوقه بشكل جماعي بمعرفة ومساعدة  بعض من العناصر الجنوبية التي تشكل غطاء لكل أنواع  الانتهاكات لحقوق الشعب الجنوبي في سكنه وعمله وتعليمه ومعيشته وحريته .. حيث دُمِّرت المشاريع التــنموية في الجنوب وحرم الشعب من إقامة مشاريع بديلة أو جديدة .

ومن هنا ، ليس غريباً أن يقوم الرئيس هادي في 20 مارس  بوضع حجر الأساس لعدد 12 مشروع على شكل  جسور وأنفاق في صنعاء لتخفيف الازدحام المروري بتكلفة 40 مليار ريال ، فصنعاء تأخذ  نصيب الأسد من كل شيء ، لكن الغريب في الأمر أن يقوم الرئيس هادي  في 28 فبراير الماضي  - كنوع من مراضاة الجنوبيين للالتحاق بالحوار - بإعادة تدشين العمل في المشروع الوحيد  الذي خُصَّت به عدن خلال الفترة المشار إليها .. مشروع توسعة الطريق البحري  الذي كنا قد رأينا  "بدء  العمل به" قبل أكثر من 8 سنوات دون أي تقدم  .

فلو صرفنا النظر عن سبب حرمان عدن خاصة  والجنوب عامة  من المشاريع التنموية على مدى 21 عاما ، تعتبر الطريق البحري  بما يقابلها من كثافة مشاريع في صنعاء ، نموذجا واضحاً للتعسف السلطوي خلال هذه الفترة . ولقد صبرنا كثيرا على هذه الطريق التي  تعرف بـ" طريق الموت " لكثرة الحوادث المرورية الناتجة عن كثافة المركبات التي تمر فيها  في الاتجاهين .. طريق تربط مدينتي خور مكسر والمنصورة .

ومن الأمور الكارثية في هذه الطريق أنه يصعب إسعاف  ضحايا الحوادث فيها  في الوقت المناسب بسبب كثافة المركبات التي تغلق الطريق تلقائيا بعد الحادث مباشرة . وبعض من السيارات المتزاحمة  تنحرف عن الطريق لتستقر في البحر ؛ حيث يبلغ طول هذه الطريق نحو 7 كم وعرض خطين فقط  للاتجاهين .. ومع ذلك تعتبر طريق رئيسية تربط  5 مديريات من محافظة عدن ببقية المحافظات وعلى جانبيها تمتد شبكة المياه والكهرباء مع أعمدة إضاءة منطفئة ليلاً ومضيئة نهاراً .

وفي سياق الحديث عن الانتهاكات ، تشمل مشكلة الكهرباء عدة انتهاكات لحقوق الإنسان الجنوبي في وقت واحد ، فبانقطاعها  المتكرر عن عدن المتميز بارتفاع حرارة الجو بشكل دائم  يحرم المواطن من العمل  في كل مجالاته ، ومن الدراسة والعلاج والأمان ، ومن الهدوء في السكن . كما أن انقطاع  الكهرباء لا يؤدي فقط إلى إنهاك مادي للمواطن  جراء تلف الأجهزة الكهربائية ، وتلف الأغذية والأدوية ، بل أن الكارثة هي في الضحايا البشرية بين أولئك الذين يعانون من الأمراض الخطيرة والمزمنة في منازلهم ، وكذلك الذين تلزم لهم عناية خاصة في المستشفيات الحكومية لتوقف العمل فيها .

وأخيرا ، ألم يكن التناقض في تصريحاتهم عن تقدير تكلفة تنفيذ مشروع توسعة الطريق  البحري  بـ 29 مليون حيناً   وبـ35 مليون دولار حيناً آخر ، إلا دليلاً على عدم وجود  دراسة حديثة  أو أي نية صادقة ، وأنه  كمشروع وحيد  في عدن  سوف يهمل مثلما أُهمِل الشعب الجنوبي  بالكامل ، عدا  الاهتمام  بدعوة البعض للحضور في  الحوار الشامل ؟! .. أليست  الأولوية للطاقة الكهربائية  قبل الجسور والأنفاق ، أم أن  السلطة تعتقد أن شعب الجنوب في عدن سيتحمل المزيد من الظلام واللهيب المبين ، في حين تذهب 8 مليار من أموال المانحين إلى مشاريع في صنعاء وإلى جيوب حكام صنعاء  والنافذين ؟!

د. عبيد البري

الثلاثاء، 26 مارس 2013

جمال بن عمر .. ومساندته للإرهاب الفكري !!

الثلاثاء 19 مارس 2013 08:41 صباحاً

نستغرب تمادي سلطة صنعاء في خطابها السياسي خلال الأشهر الأخيرة ، إلى الشعب المغلوب على أمره لترسيخ فكرة واحدة لا غيرها ، هي أن مؤتمر الحوار الوطني يمثل لليمن طوق النجاة وهو الفرصة الأخيرة ، ولا بديل عنه إلا الاحتراب والانقسام والانفصال والإرهاب والصوملة والضياع والفقر والويل والثبور ! .. وأن من لم يشارك في الحوار قد جنى على اليمن وساهم في عرقلة مسيرته ، وبالتالي ساهم في عرقلة تـدفق أموال الدول المانحة التي بها يتم إيجاد الحلول لمشاكل اليمن !.. واللهجة نفسها في الدور الذي يقوم به جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة .

ومن أجل الحوار بأقطابه وأهدافه وقضاياه سخرت السلطة مختلف وسائل إعلامها لصرف نظر المواطن عن التدهور المستمر للأوضاع الاقتصادية والمعيشية الناتج عن تعقيدات القضايا السياسية داخلياً وخارجياً بما ينبئ بمستقبل أسوأ ينتظر الشعب اليمني خلال السنة أو السنوات القليلة القادمة .. فلم يعد باستطاعة المواطن التفكير بما يجري من حوله سوى الخوف من فشل الحوار أو كيفية إعادة تقسيم اليمن من خلال الحوار ، والخوف من التهديد بالحروب والتدخلات الخارجية ..

فالنظام يعمل على إكراه المواطن للاقتـناع بأن "قاعة الحوار" كفيلة في وضع الحلول لكل القضايا العالقة ، ويساعده على ذلك السيد جمال بن عمر من خلال محاولته تصوير قضية الجنوب أمام مجلس الأمن الدولي بأنها ليست إلا مظالم حقوقية يمكن معالجتها بإجبار الجنوبيين على حضور المؤتمر والتخلي عن قضية الوطن الجنوبي ، تحت التهديد بعقوبات دولية .

لقد حاصر نظام صنعاء العقول من أي فكر سياسي يسترشد به الشعب عدى الفكر العدواني "الوحدة أو الموت" كفكر متطرف وظالم ليس له ما يبرره تاريخيا أو سياسيا أو اجتماعيا أو ثقافيا .. ولم يكن لضم الجنوب إلى اليمن أي أهمية اقتصادية أو غيرها من ما كان يروج له النظام بأن الوحدة اليمنية قوة لليمن وعزة للشعب . فأي عزة يعيشها الشعب في ظل هذه الوحدة ؟! .. وهل بمقدور الحوار اليمني أن يغير شيئا من التاريخ ؟!.

ومع أن واقع الحال يبين أن فرض الوحدة بالقوة قد حول كل شيء إلى فشل وذل وفـقر وإرهاب وحقد وتخلف ، فلا يملك الذين لا يؤمنون بفكر الوحدة أو الموت إلا أن يستعدوا لإرهاب اقتصادي واجتماعي وفكري ونفسي وجسدي أشد .. بل أن أحدى القوى القبلية هددت بإقامة حرب على الجنوبيين إذا لم يلتحقوا بالحوار . وكذلك أدعت القوى الدينية بأن الوحدة بين الشمال والجنوب فـريضة شرعية لتبرير استخدام العنف ضد الجنوبيين بحجة الحفاظ عليها .

وإذا عرفنا بأن الفكر هو جهد ذهني له غاياته المقصودة التي تحددها منابعه الأساسية ، قد يقود إلى نتائج خاطئة أو صحيحة ، وبالتالي إما يرتبط الفكر بالإرهاب أو يرتبط بالأمان ، فالإرهاب الفكري يُعرف بأنه العدوان البشري الذي يُبنى على أسس فكرية ليحول دون وعي المجتمع بالحقيقة حتى يسهل التحكم بإرادته ، وفيه يُستخدم الضغط النفسي والبدني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو دينية أو كل ذلك معاً .

والإرهاب الفكري الذي يعتبر أخطر أنواع الإرهاب ، ليس جديداً في سلسلة الممارسات الإرهابية لسلطة نظام صنعاء على الشعب الجنوبي منذ العام الثالث لإعلان الوحدة اليمنية ، عندما بدأ قتـل الجنوبيين كظاهرة بشعة لتنافر ثقافتين .. تنافر لم يُعمل له حساب قبل إعلان تلك الوحدة بين نظامين متناقضين ومتخاصمين أدى إلى حرب جديدة ودمار شامل . ولقد تجسد الإرهاب الفكري تحديداً بعد احتلال الجنوب بتكريس فكرة حماية الوحدة كمبدأ ثابت من ثلاثة ( الله ، الوطن ، الوحدة ) حيث أعتبر أن ضم الجنوب إلى اليمن هو قدر ومصير الشعب الجنوبي .

فهل لا يزال جمال بن عمر لم يدرك بعد ، أن نظام صنعاء قد جعل احتلال الجنوب ممارسة للإرهاب الفكري .

اقرأ المزيد من عدن الغد | جمال بن عمر .. ومساندته للإرهاب الفـكري !! http://adenalghad.net/news/43114/#ixzz2Odrktg3Y

لماذا حل قضية الجنوب هو مفتاح الحلول عندهم ؟!


         

يعتقدون في صنعاء أن حل قضية الجنوب هو بالاعتراف بأن الوحدة بالقوة مبدأ مرفوض ويجب إعادة صياغة وحدة فيدرالية بين الشمال والجنوب بعد اعتذار عن خطأ الحرب واسترداد الأموال والأراضي المنهوبة وإصدار مرسوم رئاسي لما نتوقع أن يسمونه مصالحة وطنية بين الشمال والجنوب من جهة ، وبين كافة القوى السياسية اليمنية من جهة أخرى . وكل ذلك سيتم - من وجهة نظرهم - على أساس وحدة  اليمن أرضا وشعبا وتاريخا وثقافة وهوية وثورة  وثروة ، الأمر الذي يلزم العناصر الجنوبية المشاركة  في الحوار الإقرار بكل ذلك أولاً ، وتثبيته أمام الدول الراعية للمبادرة الخليجية .
قد يتساءل البعض لماذا تأجلت عملية هيكلة الجيش والأمن وتحديد أسس بنائها ودورها .. تلك العملية الهامة  التي كان مقررا  إنجازها بالضرورة  قبل الحوار بحسب المبادة الخليجية وأهداف ثورة الشباب . وقد يتساءلون  لماذا تأجل تشكيل لجنة صياغة الدستور ولجنة إعداد الضمانات الخاصة بتنفيذ مخرجات الحوار ، ولماذا تأجل إقرار قانون العدالة الانتقالية ؟! .. وعلى الجانب الآخر كيف سيساهم جنوبيون في حوار وطني مع مطالبتهم - في قاعة مؤتمر الحوار - باستعادة دولة الجنوب وحق تقرير المصير ، وما سر الموافقة على طلب جنوبيين في الخارج  لمناقشة قضية الجنوب معهم في الخارج  وتجاهل الحراك الجنوبي ؟!.
لست مخولا  للإجابة على أسئلة كهذه ، وقد لا أصيب في ذلك ، لكن  الإجابات تتضح شيئا فشيئا  في ما جرى من إعدادات للحوار  وما يجري حالياً في أروقة المؤتمر والتصريحات الدبلوماسية وطرق تعامل وسائل الإعلام الداخلية والخارجية مع حوار  صنعاء ، وكذلك في نوعية الحضور  الجنوبي فيه . لكنني أستطيع الجزم أن نظام صنعاء لن  يمنح الشعب الجنوبي حق الاستقلال والسيادة على أرضه حتى لو أدى الأمر إلى إدانة دولية في حال تعنت أو استخدم القوة ضد الجنوب للإبقاء على سيطرته على أرض وثروات الجنوب التي راهن عليها مقابل تفريطه بأقاليم جازان وعسير ونجران وغيرها - براً وبحراً - بمساحة تزيد عن مساحة الجنوب  لمصلحة السعودية .
لقد راهن نظام صنعاء على مواقف أنظمة إقليمية ودولية لتأمين سيطرته على الجنوب منذ احتلاله الجنوب عام 94م .. وهي الأنظمة نفسها التي وجدت نفسها اليوم في موقف محرج  أمام إرادة شعب الجنوب ، لكنها لا تزال تحتفظ لصنعاء - بدلاً عن المواقف - بعناصر جنوبية  تضيفها إلى  ما يحتفظ به النظام من عناصر جنوبية لها تاريخ ضد مصلحة الجنوب ولها انتماءات حزبية غير جنوبية ، لتمرير المخطط الجديد الذي قد يطول أمده  وقد  يقصر وفقاً لاستجابة المجتمع الدولي لإرادة الشعب الجنوبي . ومن الأمثلة المثيرة للدهشة أن تسمع  جنوبي في الحوار اليمني يدعي بأنه حراكي مؤتمري ( أي أنه عضو في حزب المؤتمر المعادي لثورة الجنوب  وفي الوقت نفسه ينتمي إلى الحراك الثوري الجنوبي) كنوع من محاولة الاستحواذ الرخيص على الثورة الجنوبية من قبل عناصر السلطة الذين تسامح معهم الشعب الجنوبي ولا يزال .
إنهم يتحدثون بلسان واحدة مع المجموعة الجنوبية في الحوار الذين رفض شعب الجنوب في تظاهراته الملايينية  تمثيلهم له  في الحوار لأنه يعرفهم جيداً  وهو صاحب القرار .. وسيتحدثون عن استعادة دولة  الجنوب بكل حدودها ، لكنها تبقى إقليم  جنوبي مقابل إقليم شمالي في ما يسمونه " يمن واحد " ،  وعندها ستتم هيكلة الجيش بإعادة توزيعه مع قوات الأمن على مناطق الإقليم الجنوبي والإقليم الشمالي لفرض حكم عسكري مؤقت .. يلي ذلك  إعداد  دستور يحدد الوضع القانوني للتقسيم الإداري الجديد للدولة الفيدرالية الناتجة عن الوحدة مع دولة الجنوب التي " استعادها !" جنوبيون آمنوا  بحوار مطول أشرفت عليه محافل دولية مع تجاهل شعب الجنوب  ورئيسه علي سالم البيض الذي لا شك سيتهمونه يوما ما  برفض الحوار !! .

د. عبيد البري 

جمال بن عمر في اليمن .. وجيمس بيكر في المغرب


           

 لم يبحث الجنوبيون عن أي  حل .. فلم تكن قضية الجنوب  جزءً من معاهدة سيفر 1920م لاستقلال الحجاز وكردستان وأرمينيا .. ولم يكن الشماليون شركاء في اتفاق جنيف 1967م  لاستقلال الجنوب  كاتـفاق  القبارصة في زيوريخ 1959م  لاستقلال قبرص .. وكذلك لم يطالب إمام اليمن باستلام الجنوب من بريطانيا كما طالبت المغرب بالصحراء الغربية .
فقضية الصحراء الغربية بدأت عام 1973 عندما تركتها أسبانيا لأهلها .. تقاسمتها المغرب وموريتانيا بمجرد خروج الاستعمار منها . وفي عام 1975 أعلنت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري في إدعاءات المغرب  نافية  فيه أي حق قانوني لأي دولة مجاورة للصحراء ، واختتمت بالعبارة التالية تقريرها : " وعليه فإن المحكمة  لم يثبت  لديها  وجود  روابط  قانونية من شأنها أن تؤثر على تطبيق القرار 1514 المتعلق بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربــية وعلى الخصوص تطبيق مبدأ تـقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة سكان المنطقة ".
وفي الفترة  1997 - 2004عمل وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر مبعوثاً شخصياً لأمين عام الأمم المتحدة  لإجراء مفاوضات مباشرة حول الصحراء الغربية  ، حيث انتهت الفترة بتقديم استـقالته لعدم التوصل إلى تسوية مقبولة لدى الطرفين المتنازعين  السيادة على الصحراء الغربية ، وهما المملكة المغربية  والجبهة الشعبية  لتحرير الساقية الحمراء  ووادي الذهب ( الإقليمين المحتلين من قبل المغرب - يشكلان 80% من الصحراء ) وتعرف الجبهة  باسم البوليساريو .
كانت البوليساريو قد تأسست عام 1973 واعترفت بها كثير من البلدان بدعم من المعسكر الشرقي والجزائر ، بينما  المغرب كان حليفاً  للمعسكر الغربي . وبعد سقوط المعسكر الشرقي أصبح وضع الجبهة وشعب الصحراء كبقية ثورات وشعوب العالم الثالث التي لا يزال المعسكر الغربي يعاقبها على علاقاتها بالاتحاد السوفييتي السابق  لحساب الدول المتحالفة مع الغرب سابقاً .
 اقترح  بيكر  أربعة مشاريع لحل  النزاع على الصحراء الغربية . تقدمت المغرب بالخيار الأول وهو "الحكم الذاتي" الذي يعطي لسكان الصحراء حق تسيير كافة أمورهم بنفسهم تحت السيادة المغربية ، ولاقى هذا الحل دعما عربيا ودوليا واسعا ، لكن البوليساريو رفضت المشروع  لكونه لا يؤدي إلى انفصال الصحراء الغربية عن المغرب .
وكان الثاني مشروع استفتاء الشعب الصحراوي للانضمام إلى المغرب أو الانفصال ؛ وافق عليه الطرفان لكن نشب الخلاف على تحديد الناخبين ؛ حيث رفضت البوليساريو والجزائر إشراك قبائل معينة في الصحراء من أصول مغربية ، الأمر الذي جعل المغرب ترفض - حتى الآن -  أي حوار حول الاستفتاء بسبب الاختلاف على هوية الناخبين .
وتناول المشروع الثالث  تقسيم الصحراء بين المغرب والبوليساريو  ؛ وافقت عليه البوليساريو  لكن المغرب رفضته بحجة أن الصحراء جزءً لا يتجزأ من المغرب . أما الحل الرابع فربما أراده بيكر لفتح المجال للحرب بين الطرفين ، حيث أقترح انسحاب الأمم المتحدة من الملف  وسحب قوات السلام من الصحراء .
وإذا كان جمال بن عمر قد عاش تجربة النزاع سياسيا ونفسيا  بين بلده  المغرب وبين سكان الصحراء  التي تطمع بها المغرب ، فعليه أن يتخلص من الذاكرة المغربية  ويدرك أن الجنوب لن يسمح  بأي نوع من الطمع ، وعليه ألا ينسى أنه يمثل حالياً المنظمة الدولية التي يجب احترم مبادئها ومواثيقها  وأن قضية الجنوب ليست كقضية الصحراء حتى  لو أدعت اليمن بأي رابط تاريخي بالجنوب مثلما تدعيه المغرب بالصحراء .
وعلى السيد بن عمر أن يكف عن القول أنه يبحث عن حل لقضية الجنوب .. فما عليه إلا  أن يرفع تقريراً نزيهاً إلى مجلس الأمن  ليصف  فيه  احتلال  الجنوب  كما يصفه عناصر نظام صنعاء ، على أقل تقدير .

د. عبيد البري

كلمة تيار "مؤتمر شعب الجنوب" .. ضعيفة المعنى ومزدوجة الهوية


  

الواضح أن الأخوة المشاركين في الحوار الوطني الشامل في صنعاء  حسموا أمرهم ولم يأبهوا   للرفض الشعبي الجنوبي القوي لمخرجات مؤتمرهم التأسيسي في عدن التي هدفت أساساً إلى محاولة خطف الثورة السلمية الجنوبية - بكل منجزاتها وتضحياتها ومكوناتها - وتقديمها لمؤتمر الحوار .. فشعب الجنوب كان قد تنبه لذلك  ورد عليهم  بصوت عال وكلمات واضحة : " لا تفاوض لا حوار نحن أصحاب القرار " .
وأظن أن الكثيرون من قيادات ذلك التيار احترموا إرادة شعب الجنوب فرفضوا المشاركة في الحوار ، إلا إن من يشارك منهم حاول تلميع مواقفه بمصطلحات تضليلية مثل : (الحرية ، استعادة الدولة ، حق تقرير المصير ، وتلبية طموحات شعب الجنوب) .. مصطلحات فاقدة معناها حاضرا ومستقبلا بالنظر إلى مواقف أصحابها من الوضع القائم حالياً المتمثل بضم الجنوب بالقوة وإصرار نظام صنعاء على التحكم بحق تقرير المصير الذي يطالبون به بِذِلٍ وخضوع ٍ وتبعيةٍ بعيدا عن إرادة شعب الجنوب .
ولأن النظام لا يريد حوار مع الجنوبيين لكنه بالتأكيد  يريد  حضورهم  شكليا في الحوار أمام العالم ، لإثبات استجابة شعب الجنوب وقبوله بنتائج الحوار .. لذلك جاءت كلمة " مؤتمر شعب الجنوب " مفككة في تعبيرها ، متناقضة في مدلولها ، ضعيفة في معناها ومزدوجة في هويتها . فعلى سبيل المثال ،جاءت فقرتها الثانية بالشكل التالي :
" أنها مناسبة طيبه ونحن  نشارك معكم هذا المؤتمر , لنسجل  معكم بكل وضوح كامل ومعبر عن تطلعات أبناء شعب الجنوب وهم يتطلعون عن لحظة تاريخية تعيد رسم حدود اللا معقول الذي خيم على حياتهم  وافقدهم توازنهم للحياة الحرة  الكريمة و تحت مظلة دولة حقيقة لا تنتج الحروب والدمار والإقصاء و التهميش، حياة يظللها  القانون والعادلة والمساواة، ومشروعية العمل البناء في تثبيت حق شعب الجنوب في الحرية  وحق تقرير المصير واستعادة الدولة المستقلة المدنية الحرة ".
وإن لم يكن واضحا في هذه الفقرة ما المقصود من عبارة : " يتطلع شعب الجنوب إلى إعادة رسم حدود اللامعقول تحت مظلة دولة حقيقية !! " .. لكنه يكمل العبارة مبينا أنه يريد دولة يمنية يكفل دستورها حق تقرير المصير لشعب الجنوب .. وهنا  فإن المطالبة بـ "حق تقرير المصير " يوحي  بأن  "الحق الشرعي " لتقرير المصير الجنوبي  لم يُشرَّع بعد  للجنوبيين .. وهذا يتناقض مع الإشارة إلى مطلب " استعادة الدولة المستقلة " إذا ما كان يقصد  بها دولة الجنوب !.
وفي الفقرة التالية يريد التيار مناقضة الوعي الفكري لدى الشعب الجنوبي بسبب زيادة الظلم عليهم من قبل سلطة نظام صنعاء في حين بقية الشعب في الشمال أتخذ موقف المتفرج أو المؤيد للظالم .. الفكر الذي أوصل الشعب الجنوبي بعد معاناة إلى قناعة بأن لا شيء يربط  بين ما يسمى الشمال والجنوب في التاريخ الحديث والمعاصر الأمر الذي أثبته عدم التجانس الاجتماعي والثقافي خلال هذا التاريخ ؛ فنجد التملق في كلمة التيار واضح  بالتلميح إلى أن الشمال والجنوب يمن واحد بما يتناسب مع الأهداف السياسية لنظام صنعاء ، حيث جاءت بالشكل التالي:
" أن نضالنا الشعبي السلمي الجنوبي يأتي تعبيراً عن الرفض المطلق  لطبيعة تلك الثقافة وذلك النظام الذي استباح الأرض و ثروات  الجنوب وحقوقه الكامله , ذلك الجنوب الذي دخل العملية السياسية  لليمن الواحد , ذلك الجنوب الذي  دخل عملية التاريخ للتغيير راغباً ومدافعاً عن مشروع  الوحدة السياسية لليمن الواحد بمضامينها الإنسانية العادلة مقدما دولته وكامل مقدراتها خدمة لهذا الهدف."
فالتيار لم يلمح فقط  في هذه الفقرة بأنه ينتمي إلى الحراك السلمي الجنوبي بل يدعي أنه تيار مناضل في الحراك .. وهذا ليس إلا ابتذال سياسي يستنكره شعب الجنوب . لماذا يحاولون التأكيد أن اليمن واحد .. ومتى تم استفتاء شعب الجنوب حتى يقولون أن الشعب كان راغبا أو مدافعا عن ما أسموه مشروع وحدة سياسية بمضامين إنسانية ليقدم من أجلها  دولته .. وما هو الهدف الذي يتحدثون عنه هنا ؟! .
وأخيرا ، لا بد من الإشارة إلى أن النظام في صنعاء ، سلطة ومعارضة ، يسعى حالياً إلى تحويل الوضع الناشئ في الجنوب بعد حرب 1994 الذي يستنكره العالم ، إلى وضع آخر يمكن تسميته "قضية أقلية" في الجنوب تبحث عن "حق" في إطار اليمن "الواحد"  لتقرير مصيرها ! . وهذه هي المشكلة التي يصفها شعب الجنوب بأنها مؤامرة .

د. عبيد البري

الجمعة، 15 مارس 2013

من يضبط الحوار اليمني .. ومن يحمي من لا حماية له ؟!

        

 نسمع ونقرأ كثيراً عن التحذيرات الشديدة اللهجة من قبل القيادة السياسية اليمنية بما فيها الرئيس وقيادات الأحزاب والمحللين السياسيين من أن فشل الحوار الوطني اليمني سيؤدي إلى توقف العملية السياسية والعودة إلى مربع العنف . وبالرغم من أنهم جميعاً على يقين بأن العوامل المؤدية إلى الفشل قائمة بالفعل وأن الدفع بالقوى السياسية إلى الحوار ليس إلا مجازفة خطيرة ، فلم يتجرأ منهم أحد على القول بأن طريق الخطر ليست قدر لا منه مفر .. بل يلجئون إلى التــأكيد على ضرورة مشاركة الكل في الحوار كعامل أساسي لإنجاحه .. وكأنهم يريدون بذلك أن يساهم  المجتمع اليمني بالكامل في الفشل المتوقع وتحمل نتائج أخطاء أرتكبها أو سيرتكبها طرف معين في العمل السياسي .

صحيح أن الحوار هو القيمة الثقافية الاجتماعية للشعوب والأمم التي سبقت غيرها في النهوض بمجتمعاتها من خلال ممارسة أبناؤها لعملية الحوار في الحياة الاجتماعية والسياسية ، فاستطاعت  بهذه الثقافة تجنب الكثير من الظواهر القبيحة مثل التسلط والذل والخداع وغيرها من الأمراض الاجتماعية والاضطرابات السياسية . ولأن الحوار قيمة اجتماعية ، فهو أيضاً مهارة اجتماعية رفيعة لا تأتي إلا بالتعلم والتجربة والخبرة ، بدءاً بعلاقات الفرد في محيط الأسرة وانتهاءً بعلاقته بالأمة .. وهذا ما يفـتقر له المواطن اليمني سواءً كان في السلطة أو خارجها ؛ بل أن اليمن يمتاز بشيوع معظم الأمراض الاجتماعية واستفحالها .

إن القول بأن  الحوار الوطني الشامل سيحل كل المشاكل التي يعاني منها اليمن بما فيها استعادت الدولة المخطوفة ، ليس إلا استخفافا بالعقول وتضليلا سياسيا لا يخدم مصلحة الشعب اليمني ، لان القضايا السياسية والوطنية الهامة هي من اختصاص مؤسسات الدولة بالمشاركة الواسعة مع الشعب من خلال تقديم مشاريع وطنية تخضع للاستفتاء الشعبي والانتخاب ، وليس بحشد أطياف من المجتمع في أي قاعة للخوض فيها . وعندما تطرح قضايا للحوار الوطني بواسطة القوى السياسية كنوع من المزاج السياسي ، فلا يمكن النقاش فيها والاتفاق عليها  إلا  في ظل دولة ترعى حوار المتحاورين بوقوفها على مسافة واحدة من كل أطراف الحوار بحيث لا يستطيع طرف الاستقواء  بالدولة أو بجزء من سلطاتها أو مقدراتها . أما التحاور بدون وجود سلطات دولة مؤسسات ، فلا بد إلا أن يكون أشبه بما يحدث في الغاب ! .

يستطيع المتابع لتدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية في اليمن خلال الفترة منذ الانتخابات الرئاسية عام 2006 ملاحظة تكرر الدعوة إلى الحوار – شكلياً – مع كل أزمة من الأزمات المتتابعة في فــترة ما قبل الثورة الشبابية .. وأن المعارضة اليمنية قد استغلت فكرة الدعوات إلى الحوار مع السلطة التي كانت مسيطرة على مقاليد الحكم ، باعتبار أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها المعارضة  الضغط على السلطة لتـقديم تنازلات في شكل التداول السلمي للسلطة .. ويستطيع المتابع ملاحظة أن اشتـداد ذلك الضغط كان سببا مباشراً في تـفـجير ثــورة شباب التغيير . وببـساطة يمكن الاستنتاج بأن الحوار بثقافته وقيمه الاجتماعية والسياسية المعروفة ليس له لغة في اليمن إلا تلك التي عبـر عنها في نهاية المطاف بالعنف المسلح في أحياء صنعاء .. وأن أمام الشعب اليمني سنوات طويلة ليتـحول فيها الحوار إلى قيمه اجتماعية  وسياسية رفـــيعة .

وحيث أن المشهد السياسي اليمني لا يزال متأثراً بالقوى المالكة للثروة والسلاح التي تتجاذب لإفشال عملية الهيكلة في الجيش والأمن والقطاع المدني ولإبقاء الجزء الأكبر من الدولة بيد تلك القوى المتنفذة في النظام - سابقاً وحالياً – رغم أي قرارات رئاسية ، فإن عدم وجود التوازن  العسكري والسياسي يتناقض مع المبادئ المتعارف عليها لأي حوار إيجابي .. ومن تلك المبادئ ضرورة وجود صدق وتفاؤل ، وواقعية لا تسمح بأي تأويلات ، وكذلك التكافؤ الذي يحافظ على الاحترام  بين الأطراف ويحد من استعلاء الطرف القوي على الأطراف الضعيفة ، بالإضافة إلى ضرورة وجود مساحة مشتركة للأطراف ليبـدأ فيها النقاش والاتـفاق عليها لاستمرار الحوار قدماً . لكن هذا المشهد يقف على النقيض ، الأمر الذي قد يوصل الحوار إلى جدل بـيزنطي  لتثبت فيه الأطراف القوية تفوقها على الآخرين .

ومن عوامل فشل الحوار اليمني وجود تعدد واختلاف وتباعد وصعوبة في القضايا المطروحة على الطاولة أمام أطراف متناقضة مع بعضها ولا تملك ثقافة الحوار ، وبالمقابل نرى التلاعب في نوعية عناصر التمثيل لأطراف الحوار .. فإذا افترضنا أن ربع المتحاورين يمثلون ثورة الشباب ، فما هي الأرضية التي يشترك بها الثوار مع القوى النافذة في النظام ؟! .. وفي السياق نفسه ، ألم تتسابق القوى السياسية على من يمثلها في منظمات المجتمع المدني أم أن كل منظمة تمثل جزء مستقل في الطيف السياسي ؟! .. أليست السلطة ممثلة بالقوى النافــذة هي التي نسقت مع جنوبــيين للمشاركة في الحوار بحيث يمثلون قضية الجنوب نيابة عن الحراك والشعب الجنوبي ؟! . إن وضع كهذا سيؤدي إلى حوار تــسلطي استـــعلائي وإقصائي ، وربما يأخذ صورة "حوار الذل" الذي تتملق فيه أطرف ضعيفة لأطراف أخرى قوية فينتج عنه فقدان الكرامة الإنسانية .

وأخيرا نستطيع القول أن الملامح السيئة في الحوار قد وضحت  قبل الولوج فيه . فأطرافه الفاعلة  هي أطراف تمثل النظام سلطة ومعارضة في آن واحد ، وتبذل كل جهودها لإظهار الجانب السلبي لدى خصومها لتجعل منه حواراً  ذو صفة  تعجيزية . ومما يؤسف له أن الأطراف النافــــذة قد وضعت أولوية النقاش لقضية الجنوب التي مثلت أكثر القضايا خلافا وحدة ، ويفــتـقد فيها الأطراف إلى وجود أرضية مشتركة مع الطرف المعني بـها  الغائب عن ذلك  النوع من الحوار ، وبالتـالي لا أحد يمكنه اتـخاذ أي قرار في ذلك الحوار ، الأمر الذي يتــيح للقوى المتــنفــذة العبث بالحوار  وبكل القضايا المطروحة ، وربما تأخذ الزمام لحسم المواقف  بالقوة ، بحكم امتلاكها للسلاح والثروة .

د. عبيد البري

الجمعة، 8 مارس 2013

سلاح الشعب الجنوبي رايته .. فليحترم اليمنيون رايتهم الوطنية


تحمل الراية الوطنية لكل دولة رمزية مقدسة تتمثل بالاستقلال والسيادة الوطنية والعدالة والثقافة والعقيدة وغير ذلك من القيم السامية للشعوب .. وتتمثل الرمزية وطبيعة النظام في ألوان أو خطوط أو رسوم معينة في إطار العلم الذي تتحدد نسبة طوله إلى عرضه بدقة . وبفقدان السيادة على الوطن يفقد العلم قيمته .

وحيث أن العلم الوطني ملكاً للشعوب التي تقدم أرواحها وكل أنواع التضحيات من أجل الدفاع عنه كرمز مقدس للوطن والوطنية بحيث لا يجوز التهاون بما يحمله من رمزية ، فالعلم الوطني ليس ملكاً لقيادات الأنظمة المتعاقبة على حكم الشعوب ولا يعبر عنها .. وهكذا نرى الشعوب تعبر عن نفسها برفع أعلامها الوطنية في كل ثوراتها على الأنظمة المضطهدة لها ، لترمز بها بأن الشعب هو المالك للوطن وهو صانع الدولة ونظامها .. والحال كذلك في رفع العلم الجنوبي .

فعلى سبيل المثال ، تكونت دولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية في البدء من وحدة 4 دول ثم صارت عام 1956 تضم 15 دولة سوفيتية في دولة أممية واحدة خضعت لنظام اشتراكي سواءً بالاتفاق أو بالاحتلال ؛ واستطاع النظام أن يلغى أنظمة الجمهوريات الداخلة في الاتحاد ، لكنه لم يستطع إلغاء ثقافات وعقائد تلك الشعوب أو خصوصية وتاريخ أي منها .
وعندما سقط النظام في مطلع التسعينات ، خرج الشعب في كل جمهورية سوفيتية رافعاً علم دولته السابقة للانفصال عن دولة الاتحاد التي تفككت نهائياً عام 1991م بحصول معظم الجمهوريات على الاستقلال عنها . فأوكرانيا مثلاً هي أكثر الجمهوريات السوفيتية - التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي عام 1991م - اعتزازاً بعلمها الوطني الذي احتفظت به منذ عشرينات القرن الماضي .

إن ما حصل ويحصل للعلم الوطني في الجمهورية اليمنية لا يمكن اعتباره إلا استخفافاً بأهميته واحترامه بشكل لم يسبق له مثيل ؛ فللعلم اليمني رسمياً طول محدد يقدر بثلثي عرضه ، ويقتصر رفعه على المباني الرسمية للدولة وسفاراتها في الخارج ، لكن الملاحظ أن السلطة تبذل أموال طائلة على صناعة العلم لتـنشره بكثافة - في مناطق الجنوب - على طول الشوارع الرئيسية والجولات وحتى على متن المدرعات عندما تكون في وضعها القتالي داخل مدن عدن ؛ كما تحرص السلطة على رفع العلم في عدن بأطول شكل مشوَّه .

من نافلة القول ، أن المملكة المغربية كانت قد حصلت على الرقم القياسي في موسوعة جينيس عندما صنعت علماً بلغت مساحته 60 ألف متر مربع لترفعه على جزيرة الداخلة التي تطالب بها جبهة البوليساريو كجزء من جمهورية الصحراء الغربية بينما المغرب تريد برفع العلم العملاق أن تثبت بأن تلك الجزيرة الغنية بالثروة السمكية تقع تحت سيادتها .. وربما تعمل الجمهورية اليمنية بالمثل لتـثبت أن أرض دولة الجنوب لا تزال تحت سيادتها من خلال رفع ذلك العلم الذي هو بالأصل علم "الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل" في مرحلة ما قبل العام 1967م ، وربما كان الحزب الاشتراكي قد أَعتَـقَد عام 1990 بأن العلم مـثـَّـل رمزاً لشراكته في ما أعتاد - قبل إعلانها بعدة سنوات - على تسميتها "الوحدة اليمنية" ثم صارت تسمى بعد فشلها بـ "الوحدة المباركة" .

وأما خلاصة القول ، فهي أن على السلطة أن تدرك بأن العلم الجنوبي المرفوع حالياً بيد الشعب الجنوبي ليس إلا رمزاً لنضال الشعب الجنوبي في الماضي ورمزاً لثورته السلمية وهدفها في الحاضر ، لأن الدولة الجنوبية لا تزال غائبة .. ولكن لا يجوز التعدي على راية الجنوب بمثل ما سمحت السلطة لنفسها بعد احتلالها الجنوب بإلغاء أسماء شهداء ثورة الجنوب ومنجزاتها بالإضافة إلى محاولات إلغاء تاريخ الشعب وثقافته .

د. عبيد البري


وماذا لو كان الحراك الجنوبي مسلحاً


          وماذا لو كان الحراك الجنوبي مسلحاً 
8 مارس 2013

اعتاد الرئيس عبد ربه منصور هادي في معظم خطاباته خلال السنة الأخيرة على اتهام الحراك الجنوبي بأنه مسلحاً وتدعمه دولة أجنبية . ولم يكن أخرها في حفل اختتام المؤتمر الـ21 لقادة وزارة الداخلية في 21 فبراير الحالي في صنعاء الذي وجه فيه الرئيس اتهاما وتهديدا مباشرا للحراك الجنوبي قائلا : " نقول للذين لم يستوعبوا المتغيرات ولا الواقع الجديد اليوم أن دعواتهم للكفاح المسلح بتحريض من الدولة التي تدعمهم بالمال والإعلام والسلاح لن تـنفـعهم بل إنها ستؤدي إلى ضياع قضيتهم العادلة التي ستكون أهم محور في جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتحظى بالدعم الإقليمي والدولي " .

وكما هو واضح بأن أي تهمة  توجه للحراك الجنوبي إنما  توجه  للشعب ، لأن الحراك هو ثورة كل الشعب الجنوبي صاحب  "القضية" التي يعترف بها الرئيس هادي بأنها عادلة وتحظى بالدعم الإقليمي والدولي ، أي أنها  "قضية الجنوب" الوطن والشعب .. وهي قضية احتلال الجمهورية اليمنية لأرض دولة الجنوب بالقوة في حرب عام 1994م لتنهب وتستولي على كل مقدرات شعبها ، ولتحكمها بطريقة أقل ما توصف بالاستعمار - وفقاً  لما صرّح به اللواء علي محسن الأحمر في مؤتمر صحفي له عام 2011م – فالفرق كبير  بين  الاستعمار الأوروبي المعمِّر  وبين الاحتلال اليمني المدمِّـر !.

لم يكن الرئيس هادي غريباً على الوضع الأمني في اليمن في فترة  ما بعد احتلال الجنوب الذي أصبح جزءً من فوضى السلاح في اليمن الذي توجد فيه أكثر من 60 مليون قطعة سلاح بيد المواطنين المدنيين ، ولكن كان غريباً على الشعب الجنوبي أن تُـفتح الأسواق في الجنوب لبيع مختلف أنواع الأسلحة الفردية والذخائر بما فيها القنابل ومضاد الدبابات .. أسلحة  وُضعت في السوق الجنوبي لتشجيع المواطنين الجنوبيين على اغتنائها  واستخدامها ضد بعضهم البعض  في الثارات القبلية الدفينة التي سعت السلطة إلى إثارتها بينهم مع مختلف أنواع الفتن التي عفا عليها الزمن بعد أن نال الجنوب استقلاله الوطني عن بريطانيا عام 1967م .

ولم يكن صعباً على السلطة - خلال فترة حكم الرئيس هادي - أن تعرف أن إطلاق مئات الأعيرة النارية في الجو في مدن الجنوب ، أمام مرأى ومسمع سلطات الدولة المدنية والعسكرية  أثناء حفلات الزفاف ، دليل على حيازة الأسلحة الرشاشة من قبل سكان المدن بصورة علنية ، ودليل واضح بأن السلطة تريد نشر الفوضى في المدن ، لأن السلطة تعرف أنها لا تستطيع مواجهة المواطن الجنوبي مسلحاً .. ولكن عندما يخرج المواطن إلى ساحات النضال الثوري تاركاً سلاحه في منزله استجابة لمبدأ سلمية الثورة الجنوبية وأخلاقياتها ،  تجد السلطة فرصتها لتـفـتـك به وهو أعزل أمام العالم !.

ألم يكن باستطاعة الشعب الذي أندفع إلى عدن - للتظاهر بالملايين كقوة بشرية ليعبر عن نفسه سلمياً – قادماً إليها من الأرياف الجنوبية التي لم يخلو منها بيتاً من السلاح - وربما أكثر من نوع  - على الدخول إلى عدن بالأسلحة الشخصية ، لتصبح في الساحات ملايين الأسلحة  في يوم واحد  ، بمعدل سلاح واحد لكل مشارك ؟! .. وهل كان الرئيس سيتهم تلك الملايين الثائرة بأنها قدمت إلى عدن من إيران ؟! .. كلا ، فهو يعرف أن الثقافة السائدة في اليمن هي أن الشعب الجنوبي مسلحاً مثلما الشعب الشمالي مسلحاً أيضاً !.

وأخيراً ، إذا كان الرئيس يعرف بأن للشعب الجنوبي قضية عادلة ، فلا شك أنه يعرف بأن الحراك الذي يسعون إلى عزله عن الشعب الجنوبي ليس حزباً ولا فرقة منقسمة إلى جناح مسلح وجناح يفـتــقر إلى السلاح ، بل أن الحراك هو  الشعب الجنوبي الذي اختار الطريقة السلمية للثورة ؛ وبالتالي فالحراك السلمي هو كل هذا "الشعب المسلح" الذي تعمد أن يترك السلاح جانباً أمام من يعتبرهم إخوانه من الشمال وإن كانوا هم الظالمون !  والشعب الشمالي بريء مما يطمع به الطامعون ! ، ولأن الأمر كذلك ، فالشعب الجنوبي لا يريد الحرب ولا حتى التعامل بسلاحه الفردي الذي استخدمه ضد بريطانيا ، واستطاع به  فقط  دحر المستعمرين من عدن .


د. عبيد البري

الأحد، 3 مارس 2013

كيف ذلك و"الجمهورية اليمنية" أخرجت الرئيس البيض من بلاده ؟!


كيف ذلك و"الجمهورية اليمنية" أخرجت الرئيس البيض منها ؟!

عبيد البري
مقالات أخرى للكاتب
الأحد 17 فبراير 2013 03:57 مساءً
في عام 1994م أخرجت القوات العسكرية اليمنية بالقوة القيادة السياسية لجمهورية اليمن الديمقراطية ممثلة برئاسة الدولة وأعضاء الحكومة وقادة وضباط القوات المسلحة وقيادات الحزب الاشتراكي وقيادات مدنية ، إلى أكثر من منفى ، بالإضافة إلى مئات المفقودين ، وأعلنت حينها قيادة الجمهورية اليمنية سيطرتها على دولة الجنوب وإقصاء كل من تبقى من قيادات الدولة الجنوبية في الأجهزة العسكرية والمدنية لتستبدلها بالقيادات العسكرية والمدنية التي غزت كل أراضي الجنوب .. وحيث أنها قد أنهت بعد الغزو كل ما كان له علاقة بدولة الجنوب في وضعها السابق لإعلان الوحدة  أو ما بعد إعلان فك ارتباطها عن الجمهورية اليمنية ،  واستباحت كل ما على الأرض الجنوبية  وما تحتها .. فهل للاحتلال معنى آخر غير ذلك الذي جرى لدولة الجنوب ؟!.

وأثناء الحرب على الجنوب ، كان للوسيط الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي دوراً  مهماً جداً في خدمة السياسة الخارجية للجمهورية اليمنية على حساب الدولة الجنوبية الضعيفة التي فكت الارتباط عنها في ظروف حرب غير متكافئة وموقف إقليمي عربي منحاز بشكل واضح ، فلعب الإبراهيمي في الميدان الذي وُضع فيه بعيداً عن مصلحة شعب واقع تحت نيران الحرب وقيادة لم تكن جاهزة حينها للإمساك بسلطة الدولة الجنوبية ، ولم يكن لديها من المال ما يمكن لاستخدامه في تحسين موقفها وصورتها على المستوى الدولي . واليوم يأتي السيد جمال بن عمر كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة ليقوم بدور لا يختلف عن ما قام به الإبراهيمي سابقاً ، حيث نراه  يلعب هو الآخر مع نفس الجهات التي كانت ولا زالت على عداء مع الجنوب ومع الرئيس البيض شخصياً  .

صحيح أن الموقف الدولي من قضية دولة الجنوب لا يقتصر على تقارير أي من مبعوثي المنظمة الدولية إلى اليمن .. ولكن ، لو أن الأمانة العامة للأمم المتحدة بعثت شخص آخر غير عربي  لقام  بدور عادل وجاد في البحث عن جذور القضية ، بحيث يضع أمام عينيه وفي ذهنه  وضميره قضية دولة  تعرضت لمؤامرات إقليمية ودولية دون أن يكون لشعبها ذنب ولا علاقة ولا معرفة بما يحاك ضد تلك الدولة وقيادتها التي اختارت لنفسها نهجاً ثورياً مغايراً لنهج الأنظمة الإقليمية العربية .. وأيضاً - لو أنه  غير عربي - لكان أخذ في اعتباره كل القرارات والمواثيق الدولية التي تؤكد على حق شعب الجنوب في تحرير أرضه واستقلاله عن الدولة التي يثبت الواقع بكل شواهده ، أنها  احتلت الجنوب بطريقة همجية ليس لها مثيل .

إن الحقيقة التي لا غبار عليها هي أن الجمهورية اليمنية بنظامها وسلطتها العصبوية القبلية العسكرية المتخلفة في صنعاء قد تنكرت لإعلان الوحدة عام 1990م  بين قيادة دولة الجمهورية العربية اليمنية وقيادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بعد إخراج الرئيس علي سالم البيض وقيادة الدولة  من على أرض دولة الجنوب إلى المنفى ، ثم الإعلان – بزهو واحتقار واستهتار - عن عودة ما أسموه الفرع ( دولة الجنوب العربي ) إلى ما أسموه الأصل ( الدولة السبأية – الملكية – المذهبية – القبلية - الهمدانية اليمنية ) .. وهذا ما لا يمكن أن ينساه أو يتغاضى عنه أبناء دولة الجنوب على مدى التاريخ إلا إذا اعتذر شعب الجمهورية العربية اليمنية عن أخطاء تلك القيادة المتخلفة التي أساءت إلى تاريخ الشعبين الشقيقين .

فلماذا تطلب الجمهورية اليمنية ومعها مجلس الأمن الدولي من الرئيس الجنوبي علي سالم البيض الدخول في مؤتمر الحوار بعد أن أخرجته من بلاده ما يقارب 19 عاماً ؟! .. وما هي صفته من وجهة نظر اليمن  أو مجلس الأمن ؟! .. ألا يقود البيض  ثورة جنوبية ضد الاحتلال من الخارج ضد الجمهورية اليمنية ، أم أنه في نظرهم  يمثل شيخاً قبلياً لــ " الفرع الجنوبي " من اليمن ؟! .. وهل الحراك الشعبي الثوري الجنوبي يطالب باستقلال دولته الجنوبية  أم أنه مجرد شعب يمثل  أحدى  منظمات المجتمع المدني في الجمهورية اليمنية ؟! .

ولكل ذلك ، فإن على الجمهورية اليمنية ومجلس الأمن الدولي الاعتراف أولاً بشرعية الرئيس علي سالم البيض والثورة الجنوبية قبل أي دعوة للحوار مع الجمهورية اليمنية .


اقرأ المزيد من عدن الغد | كيف ذلك و"الجمهورية اليمنية" أخرجت الرئيس البيض منها ؟! http://adenalghad.net/news/39843/#ixzz2MVbLVuAI
 - See more at: http://adenalghad.net/news/39843/#sthash.JGqmCaGX.dpuf

المدارس والطرق لا .. المستشفيات والمواطن لا .. مصالح الظالمين والمحتلين نعم


المدارس والطرق لا .. المستشفيات والمواطن لا .. مصالح الظالمين والمحتلين نعم

عبيد البري
مقالات أخرى للكاتب
الأحد 03 مارس 2013 04:04 مساءً
قلنا بأن العصيان المدني له أخلاقيات نابعة من أخلاقيات الشعوب التي دائماً تذود عن أخلاقياتها عندما تشعر بأنها مهددة بالخطر من قبل الأنظمة الحاكمة . وأن الشعوب تضغط على أنظمتها بواسطة العصيان المدني في حال كانت الأنظمة تخشى الشعب الذي انتخبها أو  قبل بها ؛ وهذا ما لا ينطبق على الوضع في الجنوب الذي فـُـرض عليه نظام احتلال يمني يسعى بكل ما أوتي من قوة لتجهيل الأجيال وقتل وإنهاك المواطنين لمصلحة رموز السلطة وأتباعها من الظالمين .


لم نلاحظ حتى اللحظة أن من يدعون إلى العصيان المدني لديهم ما يكفي من الإدراك حول أهمية وفاعلية العصيان المدني ، ولا حتى بعض أو جزء من الأهداف المرجوة لما يدعون إليه .. فلا يبدو أن نتيجة العصيان المدني في وضعه الحالي إلا تعطيل وتخريب وتشويه لا طائل له ولا فائدة منه طالما لا يملكون الخطاب المناسب للجماهير لإقناعها بأهمية وهدف ما يدعون إليه .. ليس مقبول  الخلط  بين ما تسعى إليه الأحزاب اليمنية وبين ما تهدف إليه الثورة الجنوبية القائمة في الجنوب من خلال مشاركة الشعب فيها وقيادته لها .


ومن هنا لا يمكن أن يكون العصيان المدني تصعيداً للثورة الجنوبية إذا لم يكن الهدف منه ضرب مصالح الدولة المحتلة والنافذين فيها والطامعين بثروات الجنوب والظالمين للشعب الجنوبي .. ولأننا لا نريد أن يقتل شبابنا على أيدي المحتلين الغاشمين بحجة قطع طريق يسير فيها المواطن المظلوم إلى مكان عمله أو منزله أو المستشفى الذي يقصده بسبب مرض ألم به أو بأحد أفراد أسرته .. وليس مقبولاً أبداً أن نوحي للعالم أننا استبدلنا ثورتنا التحررية بعصيان مدني لنظهر فيه على  أننا مجرد أحزاب تريد تغيير النظام .


لذلك فإن على الجهات الداعية للعصيان المدني أن تكون في مستوى المسئولية في دعواتها للعصيان المدني .. فلا عصيان مدني بدون خطاب واضح موجه للجماهير عن النشاط الذي على الشعب الجنوبي القيام به ،  وتحديد أهدافه وغاياته ، وكذلك  علاقة العصيان المدني بالثورة الجنوبية وأيضاُ علاقة الداعين إليه أنفسهم  بالثورة نفسها .. فالدعوة إلى العصيان المدني هي دعوة إلى  مقاومة شعبية ؛ فإما أن تكون في إطار دولة بغرض التغيير ، أو أن تكون في إطار ثورة تهدف إلى التحرير !.
 


اقرأ المزيد من عدن الغد | المدارس والطرق لا .. المستشفيات والمواطن لا .. مصالح الظالمين والمحتلين نعم http://adenalghad.net/news/41253/#ixzz2MVaHNWdF
 - See more at: http://adenalghad.net/news/41253/#sthash.c7axPJLp.dpuf