الاثنين 11 فبراير 2013 04:38 مساءً
قبل نحو عامين كتبت مقالاً تحت عنوان " تسمية الجمهورية اليمنية في فجر 26 سبتمبر 1962م " ، استوحيته من مقال الشاعر الثائر الأديب المرحوم عبد الله البردوني ، الذي نشرته "مجلة الجيش" اليمنية عام 1972م ، أشار فيه إلى أن نظام الحكم في صنعاء خلال الساعات الأولى من الثورة كان باسم الجمهورية اليمنية ثم تغير إلى الجمهورية العربية اليمنية نتيجة لزحام تنظيمي على التسمية آنذاك من قبل أطراف أعلنت عن نفسها لتقديم تأييدها للثورة . فالتسمية أصبحت "جمهورية" بينما النظام ملكي ، وخاصة ببقاء الملكيين شركاء في الحكم لمدة تزيد عن 4 سنوات بعد الثورة !.. وكذلك لا تزال تسمية عملة الريال "الملكي" متداولة إلى اليوم ، ربما للحفاظ على تلك الرمزية .
والمعروف أن التنظيمات السياسية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي في اليمن تحديداً ، كانت أحزاب ناصرية وبعثية وشيوعية ، بالإضافة إلى الإخوان المسلمين ، وكلها كانت تسعى إلى تحقيق مشروع الوحدة العربية ، وجرت محاولة لتطبيقه في وحدة بين مصر وسوريا عام 1958م ، ثم تبين الفشل الساحق للمشروع القومي بصيغته الاندماجية عام 1961م عندما أعلنت سوريا تراجعها ـ بانقلاب عسكري ـ عن الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة ، وإعلانها الجمهورية العربية السورية .
لا يبدو الشبه بين الوحدة اليمنية والوحدة المصرية ـ السورية الاندماجيتين ، إلا في وجهين : (الأول) أن الحزب الاشتراكي في الجنوب كان قد دفع بالشعب الجنوبي إلى الوحدة بطريقة مماثلة لحزب البعث العربي الاشتراكي السوري الذي دفع بالشعب السوري بقوة إلى الوحدة مع مصر .. وبالتالي تعاملت كل من القاهرة وصنعاء مع الشعبين كمن زُفـّـت إليه عروس لا يطيق النظر في لون عينيها !.. و(الثاني) تمسك كل من النظامين في القاهرة وصنعاء بالحفاظ على تسمية دولتي الوحدة بالرغم من فــشل الوحدتين في كل من دمشق وعدن .. فاسم "جمهورية مصر العربية" ظهر بعد وفاة الرئيس عبد الناصر .
إن المهم في اعتقادي أن نظام صنعاء لم يحتل دولة الجنوب فقط ، بل أحتل كذلك مقعدها في المنظمة الدولية .. فـقد ألغى اسم الجمهورية العربية اليمنية وألغى مقعدها في الأمم المتحدة ، فأعاد لها تسميتها الأولى التي سميت بها قبل التدخل المصري عند قيام الثورة ، وأصبحت عضواً في الأمم المتحدة بإتحادها مع دولة الجنوب لتحتل المقعد الذي كان مخصصاً لدولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية . وعندما أعلن قادة الجنوب عودة الدولة إلى وضعها السابق لم يكن إلا إعلان عودة الدولة إلى وضعها الدولي بمقعدها المعروف في المنظمة الدولية .
صحيح أن القيادة الجنوبية قد أعلنت فك ارتباطها مع الدولة الجارة ، باعتبارها دولة قائمة فعلياً – أو حتى شكلياً - ولها الحق في بقاء تسميتها كما فعلت مصر بعد انقلاب الضباط السوريين على الوحدة مع مصر .. ولكن للأسف ، هناك أوجه اختلاف كبيرة غائبة عن العالم ؛ فـقيادة مصر آنذاك ليست كقيادة اليمن عام 1994م ، ولم تكن مواقف الضباط السوريين في القاهرة كمواقف الضباط الجنوبيين في صنعاء ! .. ومع أن قيادة الجنوب قد نزحت عن دولة الجنوب تحت نيران الحرب ولم تعد تطالب بالدولة بحسب المواثيق الدولية ، إلا أن الشعب الجنوبي بقي على أرضه محافظاً على هويته وثقافته وتاريخه بالرغم من عبث الاحتلال الذي طال دولة الجنوب السابقة .
وأخيراً ، فالموضوع هنا ليس لمجرد الحديث عن غياب اسم الجمهورية العربية اليمنية " رسمياً " أثناء غزو الجنوب عام 94م ، بما له من الخلفيات السياسية ، بل يتعدى ذلك إلى مراجعة الجوانب القانونية لكل من قضيتي الوحدة والحرب كأسباب ونتائج .. وهذا الأمر هو من صلب مهام الأساتذة الجنوبيين المختصين بالشأن القانوني لقضية الجنوب .
اقرأ المزيد من عدن الغد | الخطأ في تسمية المحتل لدولة الجنوب !! http://adenalghad.net/news/39223/#ixzz2KcYNpN62
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق