الجمعة، 24 أكتوبر 2014

استعادة الدولة بين ما نقوله وما يقوله بعض السياسيين



نقول دولتنا الجنوبية محتلة لأنها موجودة ، ولهذا لا نقول  " استعادة الدولة " ، لأن الدولة (أي دولة) تتكون من 4 عناصر هي :

(1) الشعب : وشعبنا الجنوبي هو هذا الشعب الثابت على أرضه .
(2) الإقليم (الرقعة الجغرافية) : وهي تلك الأرض الثابت عليها شعبنا .
(3) السلطة : وهي تلك التي تنظم العلاقة بين الناس ، سواءً عادلة أو ظالمة .. ولا توجد إلا إذا وجد العنصرين (1، 2) . وهي تلك التي يتصارع شعبنا مع المحتل من أجل استبدالها بسلطة شعبية مستقلة منذ  صارت تابعة سياسياً لدولة الاحتلال .
(4) السيادة : وهي عبارة عن عنصر إضافي فقط ، يتعلق بطبيعة السلطة كوضع سياسي وقانوني . ويقصد بالسيادة "الهيمنة" على عناصر الدولة الثلاثة (داخلياً وخارجياً) . وهذا هو العنصر المسلوب منا  ، وهو حالياً بيد  سلطة الاحتلال (افتراضياً) ، لكنه لا يعني أن الدولة ضائعة ، بل إن الدولة "موجودة" بوجود عناصرها الثلاثة الرئيسية ومسؤولية المحتل على العنصر الرابع ... ولا يعقل أننا نطالب بتحريرها واستقلالها إلا  لأنها موجودة أصلاً !! ...

ولهذا فإن أهدافنا الثورية كشعب صامد على أرضه هي :
* الحفاظ على العناصر الأساسية المكونة للدولة .
* تحرير أرضنا من أدوات القمع العسكرية .
* استعادة سيادة شعبنا على أرضه بعد تحريرها من المحتل  والاستقلال عن الدولة التي احتلت أرضنا .

وعلى الجانب الآخر ، حزب الرابطة ، على سبيل المثال ، لا يعترف بوجود دولة للجنوب ، ويؤكد أن "بناء الدولة" هو  استبدالاً  لــ "استعادة الدولة" التي يطالب بها البعض ؛ فقد قال السيد عبدالرحمن الجفري في إجابته على سؤال حول مشاركة الجنوبيين في مؤتمر الحوار ، في مقابلته مع قناة "روسيا اليوم" في 21 أكتوبر الحالي ، (مقتبس من موقع "عدن الغد") :

(( نتوقع أن يكون هناك بعض الجنوبيين الذين لا يريدون دولة في الجنوب، ولكنهم قلّة قليلة، وهم الذين في أحزاب السلطة فوافقوا أن يكونوا شركاء في هذا الحوار .. باقي القوى الجنوبية الحقيقية التي تنادي بالتحرير والاستقلال للجنوب قالت: لا.. ونحن لا نقول استعادة دولة .. نحن نقول استقلال وتحرير وبناء دولة، فالذي انتهى لا يُستعاد ، الغير موجود لا يُستعاد ، الذي نريده هو بناء دولة جنوبية .. لأننا لو قلنا استعادة دولة فمعناها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، مع احترامي لمن يقول هذا، لكن إذا أنت يمني فلماذا تعمل دولة ؟! فلا يوجد احتلال إنما أخوة يمنيون في أرضهم .. الأخ الجنرال علي محسن قال: لقد أدار النظام الجنوب باستعماره، في مقابلة تلفزيونية أُذيعت وأعلنت وليست سرية .. فإذا المحتل يقول انا احتليتكم واستعمرتكم .. فلماذا ننكرها نحن ؟!! )) .

وبالنتيجة ، إذا كان السيد الجفري لا يتفق مع استعادة النظام السابق فنحن أيضا نشترك معه في ذلك ، لأننا نتطلع إلى إقامة نظام جديد - بدون شك - سيختاره الشعب بصرف النظر عن الاسم والعلم الذي يصر الشعب على رفعهما للتأكيد على وجود الدولة بأرضها وشعبها ... أما إذا تنكرنا لوجود دولتتنا ، فهذا قد يُفسّر بأننا نتحدث عن شعب افتراضي وأرض غير موجودة . وبهذا ، هل نتصور حالنا - وفقاً لتصور الجفري - أشبه بالوضع الذي كان عليه اليهود ، فأخرج "وعد بلفور" إلى الوجود ؟!.

ولهذا هل تستطيع بعض الأحزاب والمكونات  السياسية الجنوبية إعادة النظر في مفاهيمها التي صارت جزءاً من شعاراتها وأهدافها ، وهي تناقض بذلك شعارات وأهداف الجماهير ، لاسيما مفهومي "استعادة الدولة" و"بناء الدولة" ؟! ... فلا يطالب بالاستعادة إلا من أضاع شيئاً ؟! ... وكذلك  لا يطمح إلى البناء إلا من لا يملك بناءاً ، سواءً كان مسكناً أو غيره ؟! .

د. عبيد البري


طريق الخروج من أزمة القيادة الجنوبية



إن وحدة القيادة السياسية الجنوبية المؤهلة والكفوءة  والمنسجمة ، القائمة على المبادئ والأهداف الثورية ، هو الشرط الأساسي لانتصار الثورة واختصار المسافات في مسيرتها وتحقيق أهدافها التكتيكية والإستراتيجية التي يطمح إليها الشعب . وهذا ما لم تدركه الجماهير الجنوبية نتيجة غلبة العاطفة على الواقع الموضوعي ، حيث طالبت الجماهير عودة القيادات السابقة لشعورها بإمكانية اقتناعهم بمشروعية ووحدة الهدف الثوري الشعبي ، وبالتالي تحقيق هذا المطلب الجماهيري المتمثل في وحدة القيادة على الهدف الأساسي ، لكن الواقع غير ذلك ، الأمر الذي جعل تلك القيادات تسعى إلى التسابق فيما بينهم وإعادة توزيع أنفسهم على قيادة مكونات حراكية  بناءاً على حماس الجماهير في دعوتها لهم  كقيادات للثورة .

وفي الواقع أن كل من تلك القيادات - بصرف النظر عن مواقف أعضاء المكونات التابعة لكل منهم - قد بيَّن بصورة أو بأخرى خلال السنوات الماضية بأنه يمتلك رؤية سياسية معينة التي عليها تبنى مواقفه ، فتباينت المشاريع والمواقف ما بين موقف "المستقل" عن الثورة الجنوبية ، إلى مواقف المحافظ على "الوحدة" مع تغيير النظام فيها ، إلى نظام الأقاليم - بما في ذلك "الفيدرالية" بين إقليمين - إلى مشروع الاستقلال عن طريق الاستفتاء . إن ترك المجال لهذا التعدد والاختلاف في المواقف والرؤى على حساب الأهداف الثورية ، لا شك سيؤثر سلباً على حاضر ومستقبل الثورة ، الأمر الذي يتعين على الساسة المخلصين حث كافة المكونات على دمج المكونات السياسية للتفاعل فيما بينها ديمقراطياً مهما كانت النتيجة .

وإذا كان الشعب الجنوبي قد طالب وانتظر - منذ 2007م - من كل القيادات الجنوبية السابقة ، للوقوف معه  ولقيادة الثورة وتأمين انتصارها بالنظر إلى ما كان متوقَّع أن لديهم خبرة سياسية  ومعرفة بالواقع والتاريخ ، وبالنظر كذلك إلى ما عليهم من واجب وطني وأخلاقي تجاه وطنهم وشعبهم ، فإن الرئيس البيض هو الوحيد الذي تعهَّد وحمّل نفسه مسؤولية قيادة الثورة إلى النصر ، وهو الوحيد الذي أكد على تسليم القيادة للشباب حال استعادت الدولة لسيادتها على الأرض . كل ذلك بعد أن قدم اعتذاره عن أخطاء الماضي واستعداده الواضح لتصحيحها بالعودة إلى النضال من جديد نحو تحقيق هدف التحرير والاستقلال .

إن ما يمكن اعتباره من أهم أسرار عدم التئام القيادة الجنوبية خلال السنوات الماضية حتى الآن هو أن "بعض القيادات السابقة" كانوا ولا زالوا يحاولون منافسة الرئيس علي سالم البيض على القيادة بدلاً من تكريس الجهود للوقوف مع الشعب في نضاله الطويل ضد المحتل . والأكثر وضوحاً أن تلك القيادات قد كشفت عن عدم رغبتها في التآزر أو تنازل بعضها لبعض لتحقيق وحدتها على موقف ثوري وأساس وطني استجابة لمطلب الجماهير في وحدة القيادة . وليس أقل مما يدل على عدم رغبتها في توحيد نفسها ، ما ظهر على كافة الأطراف في مواقفها - المتناقضة واللا موضوعية والسلبية - من مشروع المؤتمر الجنوبي الجامع ، فضلاً عن أن غالبيتهم قد اعتبروا الدعم المادي والمعنوي للثورة آخر اهتماماتهم .

وعلى الجانب الآخر هناك رصيداً نضالياً أخر للرئيس علي سالم البيض الذي يمثل حالياً ما يمكن تسميته مؤسسة رئاسة ، ويمارس اتصالاً تنظيمياً وجماهيرياً ، وتحرك واتصال على الصعيد الخارجي  بصفته رئيساً تم إبعاده عن وطنه ومنصبه بواسطة قوى الاحتلال ، فضلاً عن التأييد والرضا اللذين يحظى بهما من غالبية الشعب الجنوبي ، لاسيما لأنه أبدى موقفاً ثابتاً مع الشعب وأهداف الثورة الشعبية التحريرية ؛ وقدم ما استطاع تقديمه من الدعم لأسر الشهداء وللجرحى ، بالإضافة إلى رعايته للقناة الفضائية التي لعبت وتلعب دوراً هاماً في الثورة .

وبعكس جميع القيادات المتصدرة للمشهد السياسي الجنوبي ، نستطيع القول أن الرئيس البيض كان ولا يزال الأكثر عطاءً  للثورة ، والأكثر قبولاً على المستوى الجماهيري في الداخل والخارج الجنوبي ، ليس فقط بتفاعله مع الشعب في مختلف المناسبات وفي توضيح وتصحيح المواقف من الأحداث والتقلبات فيما يخص الحفاظ على المسار الصحيح للثورة السلمية نحو تحقيق أهدافها ، بل لقد اتخذت الغالبية العظمى من الشعب الجنوبي من شخصه رمزية قيادية لا غنى عنها أمام العالم ، وخاصة في الظروف التي مرت وتمر بها الثورة .

وعليه ، وبالنظر إلى أنواع الدعم الذي قدمه الرئيس علي سالم البيض للثورة خلال السنوات الخمس الماضية ، فضلاً عن موقفه الثابت على الهدف الأساسي الذي اختارته الجماهير ، ولتواصله الرسمي مع المجتمع الدولي باسم الشعب الجنوبي ، الذي بارك جميع خطواته وتحركاته المعلنة على الصعيد الخارجي ، ونظراً لاكتسابه - بكل ذلك - مكانة متميزة عن بقية القيادات السابقة والجديدة ، فإنه يمكن التخلص من ظاهرة التناقض على المستوى القيادي واستبدالها بالسير في الطريق الأنسب والأقرب لوحدة القيادة الجنوبية المتمثلة بالآتي :
التفويض الشعبي للرئيس البيض لمواصلة تحمله مسؤولية القيادة الجنوبية وشرعية تمثيله السياسي للجنوب داخلياً وخارجياً من خلال التنسيق مع الزعيم حسن باعوم باعتباره القائد لمكونات الحراك الرئيسية الفاعلة في الداخل (التي يتوجب عليها توحيد نفسها ديمقراطياً وبأسرع وقت تحت قيادة الزعيم القائد) ، وعلى أن يعمل الرئيس - على أساس التنسيق والتعاون - مع القيادات التي ستعلن تأييدها لهدف التحرير والاستقلال وموافقتها على هذا التفويض الشعبي فقط  ، مع إعطاء الحق للقيادات المنضمَّة إليه في توضيح ما يجب توضيحه للشعب - عبر أطر الحراك الموحد في الداخل -  من باب التقييم لمسيرة العمل القيادي والحفاظ على اتجاهها السليم . 
وبالله التوفيق
د. عبيد البري

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

حتى تمضون قدما كـ"قيادات" بدون "مرافسة"



على الرغم من تحفظي على الدور الذي تعرقل من القيام به الرئيس علي سالم البيض - (أقصد ضُعف الدور الذي كان مطلوب منه كرئيس !) خلال الخمس السنوات الماضية ، إلا إنني أرى الفرصة المواتية التي يجب الاستفادة منها ، في الوضع الحالي ، هي أن تقف كل "القيادات الجنوبية" في الداخل والخارج خلف الرئيس البيض أسوة بجماهير الشعب التي صارت تثق فيه - كرئيس - لأنه لم يغير في خطابه  منذ يوم ظهوره أول مرة ملتحقاً بالثورة الشعبية وقائداً لها جنباً إلى جنب مع الزعيم حسن باعوم .

فتلك القيادات - في الداخل والخارج - قد مثلت حاجزاً بين مطالب الشعب الجنوبي الموحد في حركته وهدفه ، وبين دور الرئيس على الصعيد الداخلي والخارجي ؛ حيث لن تكون تحركات الرئيس مجدية وذات صدى على الصعيد الإقليمي والعالمي ، إلا بإزالة هذا الحاجز - كواجب يفرضه احترام إرادة الشعب الجنوبي والشعور بالمسؤولية إن وُجدت - مهما كانت الاختلافات في المواقف أو في وجهات النظر أو غير ذلك من المصالح الضيقة لدى القليل ممن نسميهم قيادات .

ولولا القوة السياسية الناعمة والهائلة المتمثلة بالقناة الفضائية الجنوبية (عدن لايف) ، التي وضعها الرئيس البيض في خدمة الثورة الشعبية ، ولا يزال يحتفظ بها كقوة سياسية ، لكان الوضع على المستوى القيادي أسوأ مما هو عليه الآن !! . وإذا كنا قد قبلنا بأسلوب "المناطحة" بين من نسميهم قيادات - على اعتبار أن ما جرى سلوك تنافسي - خلال الفترة الماضية ، لكننا لن نقبل بــ "المرافسة" التي تتخلص بها الحيوانات من أعدائها ، فقد ينعكس الأمر على صورة مسيرة الثورة لدى المراقبين - للمشهد السياسي الجنوبي - من الخارج .

لذلك بإمكانكم يا من تعتقدون بأنكم قيادة أن تؤجلون تسابقكم على القيادة - إن كان الأمر كذلك في أحسن الأحوال - إلى أن يتم الاستقلال وتعود السيادة للشعب على الأرض ؛ فبعودة السيادة سيستعيد الشعب حقه في اختياركم أو اختيار غيركم في بيئة ديمقراطية صالحة له ، غير هذه البيئة التي تفضلون البقاء فيها .



د. عبيد البري