نقول دولتنا
الجنوبية محتلة لأنها موجودة ، ولهذا لا نقول
" استعادة الدولة " ، لأن الدولة (أي دولة) تتكون من 4 عناصر هي
:
(1) الشعب :
وشعبنا الجنوبي هو هذا الشعب الثابت على أرضه .
(2) الإقليم
(الرقعة الجغرافية) : وهي تلك الأرض الثابت عليها شعبنا .
(3) السلطة : وهي
تلك التي تنظم العلاقة بين الناس ، سواءً عادلة أو ظالمة .. ولا توجد إلا إذا وجد
العنصرين (1، 2) . وهي تلك التي يتصارع شعبنا مع المحتل من أجل استبدالها بسلطة
شعبية مستقلة منذ صارت تابعة سياسياً
لدولة الاحتلال .
(4) السيادة : وهي
عبارة عن عنصر إضافي فقط ، يتعلق بطبيعة السلطة كوضع سياسي وقانوني . ويقصد
بالسيادة "الهيمنة" على عناصر الدولة الثلاثة (داخلياً وخارجياً) . وهذا
هو العنصر المسلوب منا ، وهو حالياً بيد سلطة الاحتلال (افتراضياً) ، لكنه لا يعني أن
الدولة ضائعة ، بل إن الدولة "موجودة" بوجود عناصرها الثلاثة الرئيسية
ومسؤولية المحتل على العنصر الرابع ... ولا يعقل أننا نطالب بتحريرها واستقلالها
إلا لأنها موجودة أصلاً !! ...
ولهذا فإن أهدافنا
الثورية كشعب صامد على أرضه هي :
* الحفاظ على العناصر
الأساسية المكونة للدولة .
* تحرير أرضنا من
أدوات القمع العسكرية .
* استعادة سيادة
شعبنا على أرضه بعد تحريرها من المحتل والاستقلال
عن الدولة التي احتلت أرضنا .
وعلى الجانب الآخر
، حزب الرابطة ، على سبيل المثال ، لا يعترف بوجود دولة للجنوب ، ويؤكد أن "بناء
الدولة" هو استبدالاً لــ "استعادة الدولة" التي يطالب بها
البعض ؛ فقد قال السيد عبدالرحمن الجفري في إجابته على سؤال حول مشاركة الجنوبيين
في مؤتمر الحوار ، في مقابلته مع قناة "روسيا اليوم" في 21 أكتوبر
الحالي ، (مقتبس من موقع "عدن الغد") :
(( نتوقع أن يكون
هناك بعض الجنوبيين الذين لا يريدون دولة في الجنوب، ولكنهم قلّة قليلة، وهم الذين
في أحزاب السلطة فوافقوا أن يكونوا شركاء في هذا الحوار .. باقي القوى الجنوبية
الحقيقية التي تنادي بالتحرير والاستقلال للجنوب قالت: لا.. ونحن لا نقول استعادة
دولة .. نحن نقول استقلال وتحرير وبناء دولة، فالذي انتهى لا يُستعاد ، الغير
موجود لا يُستعاد ، الذي نريده هو بناء دولة جنوبية .. لأننا لو قلنا استعادة دولة
فمعناها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، مع احترامي لمن يقول هذا، لكن إذا أنت
يمني فلماذا تعمل دولة ؟! فلا يوجد احتلال إنما أخوة يمنيون في أرضهم .. الأخ
الجنرال علي محسن قال: لقد أدار النظام الجنوب باستعماره، في مقابلة تلفزيونية
أُذيعت وأعلنت وليست سرية .. فإذا المحتل يقول انا احتليتكم واستعمرتكم .. فلماذا
ننكرها نحن ؟!! )) .
وبالنتيجة ، إذا
كان السيد الجفري لا يتفق مع استعادة النظام السابق فنحن أيضا نشترك معه في ذلك ،
لأننا نتطلع إلى إقامة نظام جديد - بدون شك - سيختاره الشعب بصرف النظر عن الاسم
والعلم الذي يصر الشعب على رفعهما للتأكيد على وجود الدولة بأرضها وشعبها ... أما
إذا تنكرنا لوجود دولتتنا ، فهذا قد يُفسّر بأننا نتحدث عن شعب افتراضي وأرض غير
موجودة . وبهذا ، هل نتصور حالنا - وفقاً لتصور الجفري - أشبه بالوضع الذي كان
عليه اليهود ، فأخرج "وعد بلفور" إلى الوجود ؟!.
ولهذا هل تستطيع
بعض الأحزاب والمكونات السياسية الجنوبية
إعادة النظر في مفاهيمها التي صارت جزءاً من شعاراتها وأهدافها ، وهي تناقض بذلك
شعارات وأهداف الجماهير ، لاسيما مفهومي "استعادة الدولة" و"بناء
الدولة" ؟! ... فلا يطالب بالاستعادة إلا من أضاع شيئاً ؟! ... وكذلك لا يطمح إلى البناء إلا من لا يملك بناءاً ،
سواءً كان مسكناً أو غيره ؟! .
د. عبيد البري