الأحد، 24 نوفمبر 2013

هل تستطيع صنعاء عرقلة المؤتمر الجامع لقوى الثورة الجنوبية

      
من دون شك أن سلطات صنعاء تدرك أهمية عقد المؤتمر الجنوبي القادم بالنسبة للجنوب بعد مرور سبع سنوات من عمر الثورة الجنوبية التي قدم فيها الشعب أغلى التضحيات وتراكم فيها الوعي الثوري لدى  الجماهير على أساس النضال الثوري العملي ضد الاحتلال ، وأن الشعب الجنوبي لا يمكنه التراجع عن المؤتمر كعمل منطقي عقلاني .

ولن يفوت السلطة أيضاً معرفة أهمية الارتقاء بذلك النضال ، في ظل تعدد  المكونات ، إلى نضال ثوري عملي ونظري - يستند على برنامج سياسي واحد - بقيادة موحدة من خلال مؤتمر جنوبي يستمد شرعيته من تأييد الشعب له ، وأن عقد مؤتمر جنوبي جامع هو النصيحة الوحيدة للجنوبيين التي اشتركت بها دول ومنظمات دولية لتوحيد  "الصفر الدولي"  للقيادة الجنوبية ، فضلاً عن تطلع الجماهير إليه كوسيلة ضامنة لتحقيق أهداف الثورة .

وعلى الرغم من أن نجاح صنعاء في الاستيلاء على الجنوب ، لم يكن إلا نتيجة نجاحها في خلق صراعات داخل الصف القيادي الجنوبي ، الأمر الذي أدى إلى زعزعة ثقة الشعب الجنوبي بالقيادة ، وزعزعة ثقة من تبقى من تلك القيادة بأنفسهم ، وبالتالي بإمكانية تخلصهم من نتائج صراعات الماضي ، إلا أننا نثق أن الشعب لن يسمح لصنعاء ممارسة ذلك من جديد .

وبما أن الحديث يدور حول إرادة الشعب ، وأن المؤتمر جامع لقوى الثورة السلمية الجنوبية ، ولكل مكونات الشعب الثائر في جميع مديريات الجنوب ، وأنه مطلب شعبي لتحقيق أهداف الثورة المتمثلة في : التحرير والاستقلال وإعادة بناء الدولة الجنوبية المستقلة كاملة السيادة ...

وبالنظر إلى أن المؤتمر هو أنسب وسائل العمل السياسي لوحدة الأداة السياسية القيادية التي ستمثل قضية الجنوب أمام كل من سلطات الاحتلال والمجتمع الدولي ، فضلاً عن تولي مخرجاته قيادة العمل الثوري في الداخل ، ولكونه سيضع الشعب أمام تحدٍ جديدٍ بالمشاركة في إعادة بناء الدولة ...

فإن عملاً وطنياً كهذا لن تسكت عنه سلطات صنعاء .. لكننا لن نتوقع أن تحشد قواتها العسكرية لإيقاف اللجنة التحضيرية من استكمال عملها ، بل ستستخدم - حتماً - بعض مكونات وتيارات جنوبية قائمة أو عناصر قيادية معروفة ، لعرقلة عقد المؤتمر بدلاً عن تدخلها المباشر ..

وهنا سيأتي الدور الأهم للجماهير في التصدي لأي نوع من العرقلة المتوقع ظهورها سواءً من مكونات الحراك أو ربما من بعض أعضاء اللجنة التحضيرية نفسها .. وللأسف أن إحدى المحاولات قد بدأت بالفعل من قبل عناصر قيادية في أحد مكونات الحراك الجنوبي .

د. عبيد البري


الخميس، 14 نوفمبر 2013

الــ 30 نوفمبر القادمة .. مليونية عاشرة ومبعوث دولي إلى عدن

الأربعاء 13 نوفمبر 2013 09:11 مساءً

مرت الأيام والسنين والشعب الجنوبي يكابد مختلف أشكال وأنواع الظلم على مستوى الفرد والمجتمع ، مثلما يكابد التنكيل والاستشهاد خلال السنوات السبع الأخيرة من عمر الثورة الشعبية السلمية الجنوبية .. ويكابد خطر الثالوث الجديد للاستعمار القديم ( الفقر والجهل والمرض ) مثلما يكابد تسلط واستبداد القبيلة اليمنية بعساكرها ومذهبها وثقافتها وإرهابها. وكل ذلك جرى ويجري على مرأى ومسمع العالم على مدى العقدين الماضيين بعد فشل الوحدة غير الشرعية بين الدولتين اللتان كانتا متناقضتين سياسياً ، ومتصارعتين عسكرياً في الإقليم اليمني .

وعلى الرغم من أن قضية استقلال دولة الجنوب ، عن تبعيتها للجمهورية اليمنية التي احتلتها بالغزو العسكري عام 1994، قد تم تجاهلها من قبل المنظمة الدولية نتيجة الموقف الإقليمي وإصابة قيادة الجنوب بالشلل وفقدان الذاكرة منذ نزوحها عن عدن حتى هذه اللحظة ، فقد أصبحت قضية الجنوب اليوم - بفعل الثورة الشعبية العارمة – تحظى باعتراف دولي ، وهي تشق طريقها الآن نحو منظمة الأمم المتحدة التي يتوجب عليها أن تنفض الغبار عن أرشيف دولة الجنوب السابقة كدولة مستقلة ذات سيادة .. وأن تنفض الغبار عن القانون الدولي لتطبيقه على هذه القضية .. ولا نتوقع أن دولة من دول العالم تستطيع الاستغناء عن أي مصلحة معنا كشعب ينشد الأمن والسلام والمصالح المشتركة مع بقية الشعوب .

وإذ جاء في نص المبادرة الخليجية المعدلة لحل الأزمة اليمنية في 21-22 مايو 2011م : تشكيل حكومة "مناصفة" بقيادة المعارضة ومنح الحصانة للرئيس علي عبد الله صالح بعد استقالته . وأن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره . وإذ جاء في آليتها التنفيذية المزمنة التي وقع عليها الطرفان : يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة . فإن المبادرة وآليتها ، في نصوصها وجوهرها ، قد تجاوزت القانون الدولي في كثير من أبعاده الإنسانية والدولية بالنظر إلى القضايا التالية :

(أولا) أن منح الحصانة يتناقض بشكل صريح مع القانون الدولي والمواثيق الدولية .

(ثانيا) أن فرض الحل بين طرفين يمثلان السلطة والمعارضة بغرض تبادل السلطة بينهما قد ألغى البعد الوطني للأزمة اليمنية .

(ثالثا) أن إلغاء الترتيبات الدستورية والقانونية القائمة ليحل محلها الاتفاق بين الطرفين على أساس المبادرة ، يعني أن اليمن فقدت - من جديد - الأساس الشرعي لها كدولة قائمة ترعى شئون المجتمع ، فأصبح الأمر - كما هو واضح في مؤتمر الحوار - مجرد توافق بين الطرفين لإعادة بناء دولة جديدة في اليمن تحت إشراف الدول الراعية لتنفيذ المبادرة .

(رابعا) أن النص الوارد للتأكيد على الحفاظ على وحدة اليمن ، لم يعد واضحاً .. ما هي المناطق - في الإقليم اليمني – التي تريد المبادرة أن تحافظ على وحدتها مع صنعاء ؟! .. لقد فشلت الوحدة عام 1994 .. ولقد تم الاتفاق النهائي على معاهدة الطائف . كما أن النص يتناقض مع القانون الدولي بشأن حق الشعوب في تقرير مصيرها .

ولما بات واضحاً أن شعب الجنوب قد حدد إرادته في تحرير أرضه من الاحتلال العسكري اليمني ومطالبته مجلس الأمن والأمم المتحدة لإعادة الاعتراف بدولته المستقلة منذ عام 1967 بعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة منذ ذلك العام ، وبعد الإعلان عن فك ارتباطها بالجمهورية العربية اليمنية عام 1994 ، فإن على الأمين العام للأمم المتحدة أن يبعث مندوباً يمثله في عدن لمساعدة الشعب الجنوبي في الخروج من تبعيته لسلطة صنعاء وأزماتها التي لا يبدو في الأفق ما يدل على انفراجها على الإطلاق .

ولذلك فإن مليونية الاحتفال بالذكرى 46 للاستقلال في 30 نوفمبر القادم ستكون مليونية المطالبة بمبعوث دولي للمساعي الحميدة في عدن يمثل الأمين العام للأمم المتحدة ليساعد على إيقاف الانتهاكات الشاملة لحقوق الإنسان على أرض دولة الجنوب ، وفي الوقت نفسه الإشراف على تنظيم وتوحيد القوى السياسية الجنوبية في سبيل إعادة بناء دولة الجنوب ، مقابل ما يسعى إليه السيد جمال بنعمر في صنعاء لإعادة بناء الدولة اليمنية هناك .

د. عبيد البري


اقرأ المزيد من عدن الغد | الـ 30 نوفمبر مليونية عاشرة ومبعوث دولي إلى عدن http://adenalghad.net/news/76926/#ixzz2kcWgSAkO

الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

العالقون في محطة 67

                      

ليس هناك أعقد - في ما سمعت عنه أو قرأته - من الفكرة القائلة : ( العودة إلى مراجعة ما حدث في عدن عام 1967م ) !! .. ليس فقط لأن أصحاب هذه الفكرة لم يطرحوها إلا بعد قيام الثورة الجنوبية ضد الاحتلال اليمني عام 2007م ، ولكن لأن أصحابها يدركون صعوبة ذلك ، وإلا لكانوا قد طرحوها في مراحل سابقة مثل :

* الفترة التي حاولت فيها قيادة الجنوب مراجعة سياسة النظام (أي في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي) عندما طرحت فكرة التغيير أو التعديل في النهج السياسي والإجراءات الثورية خلال الفترة التي سبقتها ،
* أو عند الترتيبات لإعلان الوحدة عام 1990م ،
* أو عند ظهور نتائج فشل الوحدة "بوضوح" عام 1993م ،
* أو عند إعلان فك الارتباط عام 1994م أثـناء الحرب على الجنوب .

ولكن ماذا حدث في عام 1967م ؟! :

- كان ذلك العام هو العام الرابع للثورة المسلحة ضد الاستعمار .
- كان عاماً لاشتداد الحرب الأهلية بين الجبهة القومية للتحرير ( NLF ) من جهة ، وجبهة تحرير جنوب اليمن ( FLOSY ) من جهة أخرى للتسابق على استلام الاستقلال من بريطانيا .
- كانت NLF  في عامها الخامس من تأسيسها ومن ثورتها المسلحة ، بينما FLOSY في عامها الثاني من تأسيسها ومن ثورتها السلمية .
- كانت  مصر تدعم كلا الجبهتين ضد الاستعمار ، لكن المخابرات المصرية في صنعاء كانت ترغب في أن تتسلم (جبهة تحرير جنوب اليمن) السلطة من بريطانيا لتلحقها باليمن الذي كان بيد السلطة المصرية في تلك الفترة .
- خلال الشهرين الأخيرين (أكتوبر ونوفمبر) فقط ، أي في خلال أيام قليلة ، استطاعت NLF أن تستلم السلطة من جميع إمارات وسلطنات الجنوب ، بسبب الالتفاف  الشعبي الكبير حول الجبهة القومية ، حيث كانت الجبهة قد أعلنت عن :

* إزالة الحدود القبلية والقضاء كلياً على مشاكل الثأر والاحتراب بين الأهالي في كل عشيرة وقبيلة .
* الحد من الصراعات والمنازعات بين الكيانات الجنوبية نفسها .. وتلك القضايا كان قد سئمها المشايخ والأمراء والسلاطين أنفسهم .

يضاف إلى ذلك عاملان على الأقل هما :
1. سقوط حكومة الاتحاد في عدن بعد حركة 20 يونيو من نفس العام .
2. إدراك السلاطين والأمراء والمشايخ لاستحالة بقاء أي كيانات صغيرة  في المنطقة ، وخاصة بعد عزم بريطانيا على الرحيل عن عدن .
- في 30 نوفمبر تم الإعلان عن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية عاصمتها عدن ، على الحدود الدولية المعروفة للجنوب العربي ، حيث  سلمت بريطانيا السلطة لــ NLF التي كانت مسيطرة على الأرض ولم تعترف بجبهة FLOSY . وأظن - من خلال التسمية فقط - أن الدولة  قد أخذت كل "اسم اليمن" في (جمهورية اليمن) وانتسبت إلى الجنوب العربي في (الجنوبية) .
- عند الإعلان عن قيام دولة عصرية في الجنوب انتهى بذلك عهد السلطة التقليدية القبلية في الجنوب .
- في خلال سنتين من ممارسة الحكومة الجنوبية لمهامها حدثت الأخطاء الفادحة ...  وقد يعود السبب الرئيس في ذلك إلى قصور في إدراك وخبرة القيادة الجنوبية ، أو قد يعود على الأرجح إلى وجود عناصر ضمن القيادة العليا للجبهة لا تـنتمي إلى الجنوب بقدر ما يهمها مصلحة وطنها الأصل ، فكانت النتيجة :

* تأجيج الصراع بين القوى السياسية الجنوبية باستيراد الفكر اليساري من المعارضة في الدولة اليمنية المجاورة ، الأمر الذي أدى إلى التخلص من القيادة الشرعية الجنوبية عبر انقلاب 1969م .
* استطاعت تلك القيادات السياسية التي تنتمي إلى الدولة اليمنية المجاورة ، أن تقضي على شيوخ القبائل الجنوبية .. وربما كانت بهذا تفرّغ شحنة حقدها على شيوخ قبائلها هناك الذين هجَّروها  في وقت سابق إلى عدن ، ولذلك تمت تصفية مشايخ وسلاطين وأمراء الجنوب ومصادرة أملاكهم وحقوقهم السياسية .
* استطاع أصحاب الفكر اليساري من الدولة المجاورة أن يقدموا خدمة لوطنهم الأصل من خلال :

- القضاء على المؤسسات التجارية في الجنوب وتحويلها إلى صنعاء وتعز .
- تأميم المساكن لتسكين الرعايا من الدولة المجاورة حيث كان لهم وجود كثيف في عدن بدون سكن .
- تأميم الأراضي الزراعية لإفـقار أصحابها واضطرارهم إلى الهجرة عبر صنعاء .
- تسخير إمكانات الدولة لدعم المعارضة في الدول المجاورة وخصوصاً معارضة صنعاء .
- ربط دولة الجنوب بالمعسكر الاشتراكي لخلق المزيد من العداوات مع دول الإقليم العربي .

وإذا كان كل ما أشرت إليه قد جرى خلال الفترة الوجيزة المبكرة من عمر الثورة الجنوبية ، فماذا نستفيد من النظر إلى عام 1967م بعد كل هذا ؟! .. من يحاسب من ؟! .

 * أليست الأولوية هي لتحرير الوطن وإعادة بنائه وتجاوز أخطاء ماضي غيرنا  بتصحيح الفكر والحفاظ على الهوية الوطنية لشعبنا ؟! .
 * أليس الأحرى بنا كجيل جديد الاستفادة من كل دروس الماضي  والتطلع إلى مستقبل أفضل لمجتمعنا وللأجيال من بعدنا ؟! .

د. عبيد البري