الخميس، 31 أكتوبر 2013

النجمة الحمراء في العلم الجنوبي .. إسلامية الرمز وثورية الدلالة



يعتقد البعض أن النجمة الحمراء في علم الجنوب  مستوحاة من الثورة الاشتراكية .. ومثل هذا التأويل أو ما شابهه ، لا أساس له من الصحة . ولكن بالتأكيد أن مصدر التشكيك ليس إلا أولئك الذين نعتوا  الجنوبيين بالمرتدين ، وهم فقط المستفيدون من التشويه بالنجمة الحمراء ، لأننا رأينا  خطورتهم  على الإسلام في فتاوى موجهة ضد الشعب الجنوبي . فالنجمة الحمراء موجودة أيضا في أعلام دول عربية وإسلامية لم يكن لها يوماً أي علاقة مع الثورة الاشتراكية مثل : تونس والجزائر وجيبوتي وغيرها .

والنجمة كشكل هندسي - كما هي عليه اليوم - لم تظهر إلى الوجود إلا في الحضارة الإسلامية على يد العلماء المسلمين في الفلك والهندسة الذين اعتمدوا  رسمها  بالتنسيق المنتظم لأضلاعها الخمسة بحيث يشير رأس واحد منها فقط  إلى الأعلى ليرمز إلى التوحيد . والنجمة بشكل عام  ترمز إلى العلياء والتفوق والبطولة ، أما عددها في أي علم ، فغالباً ما يدل على عدد مكونات الدولة المعنية بدلالة العلم .

وبالرغم من تشابه بعض الدلالات في أعلام الدول العربية ، تميز  العلم الوطني الجنوبي برمزية وطنية وقومية وإسلامية فريدة ، حيث مر  بمرحلتين مختلفتين عن بعضهما :
(الأولى) مرحلة الثورة المسلحة ضد الاستعمار : وفيها كان يعتبر علماً للجبهة القومية للتحرير ، ويتكون فقط من ثلاثة مستطيلات متساوية ومتوازية لكل منها  لون من ثلاثة  ألوان مرتبة من الأعلى إلى الأسفل : الأسود ، الأبيض ، الأحمر (على عكس ترتيب علم الجمهورية اليمنية حالياً) .. ليرمز الأسود إلى الاحتلال ، والأبيض إلى المستقبل المشرق ، والأحمر إلى الحرية والثورة .

(الثانية) مرحلة الاستقلال : تحول  منذ  يوم  الاستقلال إلى علم الدولة المستقلة  مع تعديلات جوهرية المعنى ،  فانعكس  ترتيب الألوان  الثلاثة  ليدل  الأسود  في الأسفل على ماضي احتلال ، وأضيف اللون الأزرق ليدل على السماء والسمو  والاتساع  في شكل مثلث يشير رأسه إلى الاتجاه ، وتتوسطه نجمة حمراء ... والرمزان معاً (المثلث والنجمة) يدلان على الثورات العربية كثورة واحدة  في اتجاه واحد  .

ويدل اللون الأحمر في النجمة والمستطيل الأحمر ، في علمنا الجنوبي ، على الحرية  وتخليد دماء شهداء  الثورة الذين قدموا أرواحهم فداءاً لوطنهم ودينهم وحرية شعبهم .. ويدل أيضاً على الثورة نفسها باعتبارها وسيلة الحصول على الاستقلال والسيادة . وترمز خماسية الأضلاع المنتظمة في النجمة إلى أركان الإسلام الخمسة وإلى الصلوات الخمس  .

وهكذا سنضل نعتز بعلم دولتنا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بما يحتويه من رمزية ثورية وإسلامية للدولة منذ  قيامها في 30 نوفمبر 1967م  رغم التغيرات السياسية والأيدلوجية التي طرأت بسبب وجود قيادات لا تنتمي في الأصل إلى الجنوب ، ولكنها استطاعت خلال العشر السنوات الأولى من عمر الدولة أن ثقوم بانقلابين سياسيين ، نتج عنهما تصفية الصف الأول من قادة الثورة والدولة بغرض حرف المسار السياسي من صفته الوطنية الجنوبية المنطقية ، إلى صفة إقليمية يمنية تفتقر إلى أي منطق .

فإذا كانت المحصلة النهائية لحرف المسار السياسي الوطني الجنوبي فد نتج عنها قيادة جنوبية غير شرعية ، لتدخل في تكوين دولة وحدوية غير شرعية ، وبالتالي خرجت منها بصورة غير شرعية ، فإن من واجبنا  التمسك بشرعية استقلال وطننا ، وشرعية هويتنا ، وشرعية ثباتنا على أرضنا ، وشرعية علمنا الوطني الذي يحمل رمزية الإسلام ودلالة الثورة والحرية والمستقبل المشرق لدولتنا .

وأخيراً ، إن تواجهونا بالمدفع نواجهكم بعلمنا الوطني ، وحتماً سننتصر بإذن الله لدماء شهدائنا.


د. عبيد البري

السبت، 26 أكتوبر 2013

قطط جنوبية .. حول موائد صنعاء !!


الشعب الجنوبي الصامد والصابر على الأرض الجنوبية منذ 1990م بعد إعلان الوحدة بين صنعاء وعدن مختلف عن تلك الجماعات التي اندفعت إلى صنعاء لتغرق في مستنقع المال والوظائف الزائفة ، بعضها ذهبت ضمن الكادر الممثل لمؤسسات حكومة الجنوب السابقة أو الحزب الاشتراكي ، وبعضها استقدمتها سلطة صنعاء من الداخل ومن المهجر – من أبناء دولة الجنوب - باعتبارها جماعات فقدت مصالح أثناء الحكم الشمولي ، أو كانت تمثل تيارات سياسية محظورة في الجنوب ، بالإضافة إلى شخصيات ذهبت إلى صنعاء لتعرّف بنفسها بأنها كانت مهمشة في الجنوب بعد علمها برغبة نظام صنعاء في جمع أي تكتلات من ضعاف النفوس ليحافظ بها النظام على الشكل الصوري لـ" يمنية " الجنوب.. لكن المعيب هو ما حصل أثناء الحرب على الجنوب وما بعده إلى اليوم ، باعتبارها مرحلة مأساوية واحدة . فجماعات الجنوبيين التي لا يزال بعضها في صنعاء ، كانت لها أدوار ومواقف مخزية تجاه الجنوب ، حيث توزعت بينها الأدوار بأشكال تختلف من جماعة إلى أخرى على اختلاف تنوعها وتنوع وجودها في صنعاء .

وبالنظر إلى ما شهده الجنوب من صراعات ، التي كان أهمها وأسوأها صراع مناطقي عابر ! (خلال الــ 5 سنوات الأولى من ثمانينات القرن الماضي) ، وإلى الدور الإقليمي والدولي وغير ذلك من الأمور السياسية التي لا يزال يستثمرها نظام صنعاء منذ الحرب على الجنوب ، فإنه لا يجوز لأي جنوبي اتخاذ موقف من الوطن على أساس صراع سابق يعبر عنه بقبول احتلال الجنوب منذ 1994م حتى اليوم ، بمثل ما يعبر عنه موقف أولئك الجنوبيين الذين لازالوا يدورون حول موائد صنعاء ، كالقطط الجائعة .. وهذا الموقف هو عار عليهم وحدهم !! ، لأن العداء لأي عناصر سياسية لا يبرر العداء للوطن ، فالعناصر تتغير باستمرار ، ويبقى الوطن هو الوطن ! ، وهذا ما جرى بالفعل في الجنوب .. وقد تضاعف العار على تلك الجماعات بعد أن ثار الشعب الجنوبي لاستعادة وطنه وكرامته وهويته وثقافته فـوقف بعضهم بنذالة ضد إرادة أهلهم .. وإذا كان الجنرال علي محسن الأحمر قد عيّـر الرئيس صالح باستعماره للجنوب ، فما بال أولئك الجنوبيين لا يعارون على ذلك ، وعلى ما حصل ويحصل من متاجرة بقضية وطنهم وأهلهم ، وبدماء إخوانهم ومقدرات شعبهم .. ألم يجري كل ذلك على خلفية تواجدهم في صنعاء ؟! .

إن كاتب هذه السطور قد دعا إخوانه أبناء الجنوب في صنعاء غير مرة إلى مناصرة الثورة الجنوبية ، لأن الإنسان موقف ، والمواقف من الوطن ليست إلا موقفان : فإما وطنية وإما خيانة ، وليس هناك نصف وطنية ونصف خيانة . ولا أريد اتهام شخص أو أشخاص بالخيانة لأن المواقف تشهد على أصحابها ، وحالياً لا يوجد ما يخيف إخواننا في صنعاء من التراجع عن مواقفهم من القضية الجنوبية التي عرّفها وأشار إلى طبيعتها الجنرال الأحمر بشكل واضح ؟! ، أليس الوطن وطنهم وفاتح ذراعيه لهم عاجلاً أو آجلا ؟! .. ولكن ، دعونا نتساءل مرة أخرى قبل فوات الأوان : ما الفرق بين مقايضة الوطن مقابل الوظيفة والمال ، وبين الموقف من الوطن ؟! . صحيح أنه لا بد من التمسك بالوظيفة الشريفة التي لا تتناقض مع القضايا الوطنية ، ولذلك فإن كل جماعة تستطيع اختيار ما يتناسب مع مواقفها ، حيث أن أهل مكة أدرى بشعابها .. وبدون شك أن عدن أحوج لبعضهم إذا ما اعتبرناهم كوادر وطنية .

كما أنه من العيب أن توجد شخصيات في صنعاء تدّعي تمثيلها قبائل جنوبية كشيوخ أو سلاطين في الجنوب بينما هي مرهونة باعتراف ودعم وتبعية هيئة شئون قبائل اليمن كواقع ارتضته لنفسها يفرض عليها قطع صلتها بقبائل الجنوب. وعلى الجانب الآخر توجد شخصيات مرهونة بما لا يمت للوظيفة - بالصفة المشار إليها آنفاً – كأعضاء في مجلس الشورى ، أو أعضاء في البرلمان الذين انتهت شرعيتهم كممثلين عن بعض مناطق الجنوب لسببين ، على الأقل : (الأول) لوجود ثورة جنوبية منذ 2007م ترفض الارتباط بالنظام ، و(الثاني) – جدلياً – لتجاوز الفترة المحددة للدورة الانتخابية أكثر من سنتين ، حيث يعد ذلك مشاركة في الفساد التشريعي لدولة نخرها الفساد .

وتجدر الإشارة في هذا السياق أن هناك شخصيات جنوبية مرهونة لدى صنعاء لتمثل أحزاباً سياسية لا تمت أي منها بأي صلة للجنوب ، عدا ما كان يمثله الحزب الاشتراكي إلى يوم احتلال الجنوب عام 94م ، فقد بيّنت مواقف قياداته العليا رضاها بنتائج الحرب على الجنوب ، ثم بارتباطها بحزب الإصلاح الذي تأسس بعد إعلان الوحدة مباشرة على أساس العداء للجنوب وكل ما هو جنوبي ، حيث كونت قيادة الاشتراكي مع قيادة (الإصلاح) وأحزاب صغيرة غير جنوبية ما سمي " تكتل أحزاب اللقاء المشترك " ..

فهل تستطيع بعض قيادات الاشتراكي (الجنوبية) أن تخرج من ( بطن حوت المشترك ) لتخفيف غضب شعب الجنوب على ذلك الحزب بسبب تخلي قيادته عن الجنوب وعن هوية الحزب الجنوبية ؟! .. بالطبع لا ! .. ولكن تستطيع منظمات الحزب في كل محافظات الجنوب استعادة هوية الحزب الجنوبية كما كان سابقاً باسم تنظيم " الجبهة القومية للتحرير - NLF " إذا اعلنت قطع علاقتها نهائياً بالقيادة في صنعاء والعودة بالحزب إلى الأصل الجنوبي الخالص .. والرزق من الله . 

بقلم : د. عبيد البريعـــــــــــــدن

هل سيمر الفريق الجنوبي هذه المرة في ميادين الحراك ؟!

           

ربما البعض يحاول أن يصدق كلام الفريق الجنوبي في الحوار وخاصة عند حديثهم عن الحرية والاستقلال ، ولكن كيف ذلك وهم مشاركون في الحوار الذي تـناقش فيه قضية الجنوب في إطار أقاليم دولة اليمن ، سواءً كانت في إقليمين أو أكثر ؟! .

لقد قال الفريق الجنوبي وأكد غير مرة  أن : " قضية الجنوب هي قضية سياسية بامتياز " .. وهذا معناه اعترافهم بأن قضية الجنوب قضية داخلية تخص الدولة اليمنية القائمة .. ولقد دخلوا في تحالف مع ممثلين قضية صعده في الحوار لتأكيد ذلك عملياً . وطبعاً ، لم ولن يقولوا يوماً أن قضية الجنوب قضية احتلال دولة مستقلة ، وأنها بذلك قضية دولية بامتياز !! .

لماذا يطلب أمس الخميس محمد علي أحمد من أعضاء الفريق :( إعلاء هم الجنوب وقضيته العادلة فوق إي هم وأي مصالح شخصية ضيقة ) ؟! ... هل ما كان من قيل أمس هو العكس ؟! .

ولماذا قال بن علي : " شاركنا في الحوار لأجل أن نثبت للعالم اجمع إننا أصحاب قضية عادلة " ؟! .. ألم يكن الشعب الجنوبي قادراً على إثبات ذلك بدون الاعتراف لليمنيين أمام العالم بحقهم في الاختيار والتصرف في قضية الجنوب وثروته كجزء من اليمن ؟! .

ولماذا أمس فقط قال بن علي أن :" قوى نفوذ شمالية تحاول عرقلة التوصل إلى حل عادل لقضية الجنوب " ... هل كان متوقعا وجود العدالة عندهم قبل يوم أمس ؟! .

ولماذا أمس فقط قال : " لم نجد منهم إلا الكذب واللعب واتضح الأمر أن كل ما يحدث اليوم هو لعب في لعب " ... ألم يحذرهم الشعب من دخول الحوار عندما قال لهم : (نحن أصحاب القرار) ؟! ... هل اكتشفوا هذا متأخرين عن الشعب الذي أداروا  له  ظهورهم ليلتحقوا بالحوار ؟! .

إن السؤال المهم هو :
هل يريدون - هذه المرة - العودة إلى الحوار بعد أن يمروا في ميادين الحراك ليثبتوا للعالم أن الحراك قد أصبح مؤيداً لهم ؟! .
..

د. عبيد البري

منصة الجنوب .. والخطاب المطلوب

                 

من الصعب أن يقال بأن هذا القيادي في الحراك جاء عبر الميدان وذاك جاء عبر المنصة ، لأن لكل ميدان منصة ، ومن يحضر الميدان يستطيع أيضاً صعود المنصة ومسك الميكرفون . والملاحظ أيضاً أنه من الصعب أن يتضمن أي خطاب أكثر من العبارات المكررة التالية :
المبادرة الخليجية لا تعنينا .. الرفض القاطع لمخرجات الحوار .. النضال السلمي .. الاحتلال المتخلف .. التحرير والاستقلال واستعادة الدولة .. وحدة الصف الجنوبي .. الهوية الجنوبية .. التصالح والتسامح .. العصيان المدني الشامل .. رفض التخوين والإقصاء .. نبذ الخلافات الهامشية .. التحية لصمود الأبطال في الساحات .. إدانة جرائم الاحتلال .. المطالبة بالإفراج عن المعتقلين وعلى رأسهم الأسير المرقشي .

لقد استوعبت الجماهير كل تلك العبارات ولم تعد تستسيغ تكرارها . ولكن ، هل هذا هو السبب الذي جعل الجماهير تفضّل أن تمتنع القيادات من اعتلاء المنصة لإلقاء خُطب في مناسبات وطنية ؟! .. كلا ، ليس هذا فقط ، بل لقد أصبح الشعب الجنوبي حذراً جداً من استخدام المنصة لإثارة أي نوع من أسباب التناقض أو الانشقاق في قيادات الحراك ، التي باتت ظاهرة لا تستند إلى خلفية فكرية واضحة .. حيث أن الفكر الثوري لم يتضح بعد – لدى البعض منها - على شكل ممارسة عملية أو في أدبياتها ، الأمر الذي جعل الجماهير لا ترى في أي مكون ما يستحق الاهتمام أو الركون عليه .

ولا غرابة في أن نلاحظ تأثير الخطاب السياسي وتأثره في ما يعتمل في ميادين النشاط للحراك السلمي الجنوبي . فمثلما كان للخطاب الموحد في الحراك  تأثيراً إيجابياً على الجماهير في السنوات الماضية ، أصبحت اللغة تمثل مرآة عاكسة للتباعد والاختلاف بين قيادات الحراك خلال المرحلة الأخيرة من الثورة الجنوبية وتعبر بصورة أخرى عن إساءة للذات . والخطاب السياسي لا ينحصر في اللغة المستخدمة في الخُطب الملقاة والشعارات واللافتات والهتافات والأناشيد فقط ، بل يُعبَّر عنه أيضاً بالصور المرفوعة أو المنشورة ، وبالرايات والموسيقى والملبوسات في أثناء التجمعات والتظاهرات والمهرجانات .

وبصرف النظر عن استخدام اللغة كـ "نيران صديقة" في ميادين الحراك ، فقد اتخذت بعض التيارات والفعاليات لنفسها أسماءً في محاولة لمصادرة حقوق ووجود الآخرين في الثورة الجنوبية ، فمثلاً : يوحي اسم "المجلس الأعلى للثورة السلمية" بأن هذا المجلس هو القيادة الوحيدة أو أن هناك مجالس أدنى للثورة . وكذلك يوحي اسم "المجلس الوطني الأعلى للحراك السلمي" بأن هناك مجالس بترتيب أدنى في الحراك . أما اسم "مؤتمر شعب الجنوب" فيوحي أنه المؤتمر الوحيد الذي يمثـل كل الشعب الجنوبي داخلياً وخارجياً . وفي عدن هناك أيضاً حركة للشباب أسمت نفسها بـ "ثورة 16 فبراير" توحي بأن للجنوب ثورتين في آن واحد .

وعلى الجانب الآخر تستغل سلطات الاحتلال بعض من الصفات المستخدمة في الخطاب السياسي الجنوبي لمقارنتها في الواقع ، فتشير مثلاً إلى : أن "الرئيس الشرعي" ليس - في الواقع - إلا رئيساً لتيار مستحدث في الحراك تابعاً له .. وأن "الزعيم" ليس إلا زعيماً لأحد التيارات المعروفة . وتستغل السلطة أيضاً وصف قضية الجنوب بأنها ليست إلا "قضية جنوبية" مثلها في ذلك مثل القضية التهامية أو صعدة أو مأرب أو غيرها من القضايا المصطنعة لخلط الأوراق . كما تستغل السلطة رفع صورة أحد القادة بحجم أكبر وعدد أكثر للإيحاء بأن أحدهم أكثر شعبية من الآخر .

ومن أجل خطاب عقلاني موضوعي وهادف فإن الحراك الثوري الشعبي الجنوبي بحاجة ملحِّة إلى حاضن موحد سياسياً وتنظيمياً  يترجم الفكر الثوري بالاستناد إلى رؤية سياسية جنوبية تعكس الواقع وتحدد كيفية الانتقال إلى المستقبل الذي يتطلع إليه هذا الشعب الثائر وما الذي يريده في مستقبله ؛ وهذا ما يجب أن يتضمنه خطاب مكونات الحراك  في الدعوة إلى حوارات إيجابية بغرض التهيئة لوحدة قيادة الثورة والرؤية السياسية من خلال المؤتمر الجنوبي الجامع لقوى الثورة السلمية الجنوبية الذي بدأت اللجنة التحضيرية بالإعداد له منذ أول اجتماعات المكلا في 21 سبتمبر الماضي .

د. عبيد البري


الاثنين، 21 أكتوبر 2013

هل يحاكمون الحقبة التي وحدت الجنوب على الدولة الزيدية


نشرت صحيفة الأهرام المصرية في عدد 1 ديسمبر 1967م (صفحة 4) مادة صحفية عن الخلفية التاريخية للثورة الجنوبية تحت عنوان "صراع الحضارات" – كنت قد أشرت إليها في مقال سابق – حيث ورد في الصحيفة : " منذ أن خرج الأتراك من اليمن سنة 1636 ظلت القوة الرئيسية الحاكمة في اليمن هي الدولة القاسمية الزيدية بينما كان جنوب اليمن ، محميات عدن ، قد أصبح مجزئاً إلى سلطنات وإمارات " ..

وتابعت الصحيفة : " غير انه في أيام ( المتوكل على الله إسماعيل ) تسنى للدولة الزيدية أن تسيطر على اليمن كلها تقريبا حتى حدود عمان ، ودخل أمراء الجنوب تحت لوائها واستمرت سيطرتها فعاله وقويه نحو أربعين عاما .. ومرة أخرى طغت الخلافات الطائفية على السطح ، فقد تعاهد أمراء المناطق الجنوبية على محاربة الدولة الزيدية ، ودارت معارك مريرة طويلة انتهت بانفصال تلك الأطراف من الدولة الأم .. وكانت تلك الحرب ذات طابع طائفي لديهم ، حيث كانت المناطق الجنوبية من اليمن تنتمي الى المذهب الشافعي بينما كان المذهب الزيدي يقتصر على المناطق الشمالية ".

كانت الصحيفة قد نشرت ذلك  أثناء الوجود المصري في اليمن ، أي في الفترة التي كان يحلم فيها الزعيم عبد الناصر بوحدة عربية يمنية  تعوض له فشل وحدة مصر وسوريا في مطلع الستينات .. وربما كانت السيطرة المصرية  على اليمن آنذاك فرصة قد  لا تتكرر لتجذير الوعي القومي لدى الشعبين عبر كل من صنعاء وعدن . ولهذا  جاءت الصحيفة بمفهومين شاذين في سردها للسياق التاريخي الوارد في الفقرات السابقة ، وهما : " انفصال " ، و" الدولة الأم " . إذ كيف لها أن تكون أماً للجنوب في ظرف 40 سنة فقط ؟! . ومن هنا يتضح لنا من أين وكيف جاء مفهوم الدولة الأم التي لا تزال تدعي بها صنعاء زوراً . أما المفهوم الثالث : "جنوب اليمن" فقد تعدى على الجغرافيا نفسها ، حيث أن الجنوب العربي يقع شرق اليمن ، بل يمتد إلى شمال شرق اليمن .
.
صحيح أن الصراع بين الجانبين كان طائفياً ، لكن سلاطين وأمراء مناطق الجنوب لم يتلقون أي دعم من مناطق المذهب الشافعي (اليمن الأسفل) لأنها كانت تنتمي تاريخياً إلى مناطق الحكم الزيدي . ومع ذلك سقط اليمن الأسفل كله بيد الأتراك عقب خروج الزيود من سلطنات وإمارات الجنوب ، أي في الاحتلال العثماني الثاني لليمن . وبهذا حصلت مناطق الجنوب على حريتها إلى أن جاءها الاحتلال البريطاني عام 1839  ليسيطر على الجنوب 129 سنة ، فتولى حمايتها من ذلك الصراع والتهديد المستمر بتجديد الغزو .

ترى هل بهذا التاريخ تدعي سلالات المذهب الزيدي الحاكمة اليوم في صنعاء بما يسمى "وحدة اليمن التاريخية" على أساس احتلال الجنوب في عهد دولة ( المتوكل على الله إسماعيل ) الذي امتد  إلى حدود عمان شرقاً إلا إذا كانت تلك السلالات مصرة على أن الصراع المذهبي  لا يزال قائماً مع الجنوب ، أو أن عقدة الانتقام من المذهب الشافعي لا تزال مسيطرة على الأجيال المتعاقبة في "اليمن الزيدية" منذ أن توحدت جميع سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب لمواجهة الاحتلال الزيدي ؟ .. ويا ترى هل لإصرار صنعاء على تقسيم الجنوب في الآونة الأخيرة أي علاقة بما جرى في عهودٍ خلت ؟! .


د. عبيد البري

الجمعة، 11 أكتوبر 2013

الخطأ الغير مقصود لدى الشباب الجنوبي الأبي !!



الخميس 10 أكتوبر 2013 08:57 مساءً

يتردد حالياً في حديث بعض الشباب القول التالي : (الثورة الجنوبية الثانية .. والاستقلال الثاني) .. .

والصحيح أنها ثانية ، لكنها ثورة تحررية لإعادة بناء دولة الجنوب المستقلة كاملة السيادة التي قامت على الأرض الجنوبية (الجنوب العربي) . حيث أن بريطانيا قد منحت الجنوب العربي استقلالاً تاماً ، وأعلن في 30 نوفمبر 1967م عن قيام دولة مستقلة ذات سيادة باسم (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) اعترفت بها بريطانيا والمجتمع الدولي خلال أيام .

أما الجمهورية العربية اليمنية ، فقد كانت السعودية أول دولة تعترف بها سنة 1970م ثم حصلت على عضوية في المنظمات الدولية في فترة لاحقة لتلك السنة .

وبعد إعلان الوحدة بين الدولتين تم إلغاء مقعد الجمهورية العربية اليمنية في الأمم المتحدة ، وبقاء المقعد المخصص لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كمقعد يمثل عضوية الجمهورية اليمنية الجديدة في الأمم المتحدة .

و يمكننا تصوير الوضع الذي نشأ بعد إعلان الوحدة بشكل مختصر كالتالي :

- تم انتقال قيادات وكوادر الدولة الجنوبية إلى صنعاء مع بقاء مؤسسات الدولة الجنوبية كما هي .

- بدأ فشل اتفاقات الوحدة منذ اليوم الأول ، ثم انهارت الدولة (الدولتين) كلياً في عام 1993م فاستبدلت القوى السياسية - من الجانبين - اتفاقات الوحدة بوثيقة حوار سميت "وثيقة العهد والاتفاق" . لم تنفذ الوثيقة نهائياً بل كان الحوار لمجرد كسب الوقت للتجهيز والإعداد للحرب على الجنوب ، وانتظار اكتمال وصول القاعدة وطالبان للاشتراك في تلك الحرب .

- كانت حرب صيف 1994م تحصيل حاصل لخطأ قرار الوحدة وللنوايا المبيتة لإفشالها بإقصاء الطرف الجنوبي ، فضلاً عن أثر الظروف والعوامل الذاتية الجنوبية ، وكذلك المواقف الإقليمية والدولية من طبيعة النظام السابق في الجنوب .

- وكانت النتائج المباشرة للحرب كالآتي :

1. خروج القيادة الجنوبية إلى المنفى دون تحقيق أي هدف أو شرط أو اتفاق أو عهد تم توقيعه مع الطرف الآخر ما عدى إجراء انتخابات بيّنت بالملموس عدم قبول الشعب الجنوبي لأحزاب الطرف الآخر . وربما كان ذلك الخروج المفاجئ نتيجة لعدم شرعية القيادة في اتخاذ قرار الوحدة ، وعدم قدرتها على اتخاذ أي قرار صائب للدفاع عن الجنوب بعد أن قام الطرف الآخر بالهجوم .

2. احتلال الجنوب وتدمير كل مؤسسات الدولة ، ونهب الممتلكات العامة والخاصة .

الخلاصة :

لم تتحقق الوحدة الاندماجية رغم عدم شرعيتها .. واُحتلت أرض الجنوب ، وانتهى النظام السابق في الجنوب ؛ لكن الشعب الجنوبي والأرض الجنوبية اللذان شكلا أساس قيام دولة الجنوب المستقلة عام 1967م هما الثابتان على قرار الاستقلال وهما الأساس الموضوعي لصدور قرارات الاعتراف بعضوية الدولة الجنوبية في الأمم المتحدة والجامعة العربية وبقية المنظمات الدولية .

فمن يا ترى سيمنحنا الاستقلال مرة أخرى ؟! .. هل سترتقي صنعاء إلى مستوى الدول الاستعمارية التي التزمت بتنفيذ قرار الأمم المتحدة لتصفية الاستعمار ؟! ..

كلا ، لقد حصلنا على الاستقلال الوطني بالفعل !! .. وسنضل متمسكون بدولتنا المستقلة .. وسيتفق الشعب الجنوبي على النظام الجنوبي الجديد قريباً بإذن الله .

وما على نظام صنعاء إلا الرحيل من الجنوب والالتزام بدفع كامل التعويضات .





اقرأ المزيد من عدن الغد | الخطأ الغير مقصود لدى الشباب الجنوبي الأبي !! http://adenalghad.net/news/71383/#.UlfciVCiYpE#ixzz2hPWu7jKO