الجمعة، 20 يوليو 2012

الثورة الجنوبية .. شعبية الثورة .. وثورية القيادة


كتبت بتاريخ : يوليو 18, 2012 عند الساعة4:08 م

الثورة الجنوبية .. شعبية الثورة .. وثورية القيادة
د. عبيد البري
لقد أدرك الشعب الجنوبي أكثر من أي وقت مضى بأن الصراعات التي عصفت به في ظل دولته الجنوبية السابقة كان سببها الصراع من أجل الوحدة ، وأن المأساة التي يعيشها اليوم هي بسبب الوحدة ذاتها !!.. فما لبثت الدولة الجنوبية بعد قيامها عام 1967م أن تبدأ بالتفاعلات السياسية على المستوى الداخلي والخارجي ، حتى ظهر الصراع السياسي في قيادة تنظيم الجبهة القومية ، الذي قاد ثورة التحرير وأستلم السلطة من الاستعمار البريطاني ، بين تيارين ، سمي أحداهما ” التيار التقليدي ” والآخر ” التيار التقدمي ” .. وهذه التسميات هي من صنع التيار التقدمي بقيادة الشهيد عبد الفتاح اسماعيل الجوفي الذي انقلب على التيار التقليدي في 22 يونيو 1969م ، ولم يستطع أن يصف التيار الآخر بصفة نقيضه لـ ” التقدمي ” ، لأن ذلك الصراع كانت له أبعاد أخرى ، عرفها الشعب الجنوبي فيما بعد .
كان ذلك أول صراع في الجنوب ، ظهر بعد المؤتمر الرابع للجبهة القومية ، الذي أعد وثائقه نايف حواتمه زعيم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين – ذو الفكر الشيوعي – على أساس الأفكار التقدمية للأحزاب الشيوعية العربية وحركات التحرر العالمية ، عندما كان الوجود الفعلي للجبهة القومية آنذاك محصوراً في عدن قبل أن تـتـشكل لجان تنظيمية فاعلة للجبهة القومية في كل المحافظات الجنوبية . وما كان للتيار التقدمي أن ينجح لولا أنه أستند إلى جماهير عدن ، من خلال تعبئة العمال والطلاب والمنظمات الجماهيرية والنساء ، وإيجاد وعي جديد طرح فيه مفاهيم جديدة للثورة ، بحيث جعل من القيادات السياسية للدولة الجنوبية آنذاك مجرد قوى تمثل احتياطاً للاستعمار الجديد متهما اياها بالسعي الى مد جسور مع الرجعية العربية وبريطانيا وغيرها .
لقد كرس التيار التقدمي ، بقيادة عبد الفتاح ، السياسة الداخلية والخارجية من أجل توحيد الجنوب مع الجمهورية العربية اليمنية من خلال الاستفادة من الوضع الإقليمي والدولي . ففي مقابلة له مع صحيفة “البلاغ ” اللبنانية ، نشرته في عددها 19 الصادر بتاريخ 15 مايو 1972 م ، أشار عبد الفتاح : ” نحن حددنا منطلقاً واضحاً من الثورة العالمية ، وهو أن (ثورتنا جزء من الثورة العربية وجزء من الثورة العالمية) .. ونحن نؤمن أن قوى الثورة هي من نمط واحد وتفكير واحد .. ويجب أن يكون موقفنا حريصاً على وحدة قوى الثورة ، وبالتالي أن يكون دورنا إيجابياً في سبيل تحقيق هذه الوحدة “.
وبعد قمة الكويت التي عقدها مع الرئيس علي عبد الله صالح عام 1979م  ، دعا عبد الفتاح إلى ندوة سياسية لمناقشة أفضل السبل التي يتوجب على رجال الدولة في جنوب اليمن أن يسلكوها من أجل تحقيق الوحدة اليمنية ، حضرتها وفود كثيرة من دول عربية وأجنبية . فظهر على خلفية المناقشات في تلك الندوة صراع آخر بين فريقين ، أحدهما متحمس للوحدة ويرى إمكانية تحقيقها من دون تماثل النظامين ، وعلى رأسه عبد الفتاح اسماعيل رئيس الدولة وأمين عام الحزب الاشتراكي ، وفريق آخر يرى استحالة قيام أي نوع من الوحدة مع نظام متخلف ورجعي . فكانت النتيجة خروج عبد الفتاح من حكم الجنوب .. وربما دفع الفريق الآخر ثمن موقفه الرافض للوحدة في 13 يناير 1986م .
وإذا كان الشعب الجنوبي ، مع نخبته القيادية الثورية ، قد أدرك خطأ الفكر الدخيل ، وخطأ الحماس اللاعقلاني للوحدة ، قد خرج اليوم إلى الشارع في ثورة شعبية سلمية ، بفكر ثوري جديد وثقافة عصرية ، رافضاً الواقع السياسي والاجتماعي الذي نشأ خلال العقدين الأخيرين نتيجة فشل الوحدة اليمنية فكرياً وموضوعياً ، فإنه يعرف في الوقت نفسه بأن القوى السياسية التي خلقت الصراعات والانشقاقات في الصف الجنوبي من خلف الحدود ، تعمل في هذا المرحلة من الداخل ، من خلال الدفع المتواصل بعناصر قيادية جنوبية – بدعم وإشراف مباشر –  تدعي بحقها في المشاركة في حل القضية الجنوبية بغرض إيجاد فوضى التعدد والتشتت ، وبالتالي عرقلة قيادة الحراك السلمي ورمزيته ؛ وهذا يتطلب الوعي بالقضية الجنوبية لتجاوز سلبيات الماضي ، باعتبارها نتيجة سياسات خاطئة ومصالح قوى سياسية لا تزال قائمة .
ولذلك فإن الشعب الجنوبي يدرك أيضاً ، بأنه قادر على التصدي لكل تلك المحاولات الخطيرة من خلال حفاظه على وحدته في الشارع السياسي الجنوبي واستمرار زخمه الثوري العظيم ، لأن وحدة الشارع الجنوبي هي الكفيلة بتوحيد القيادة الحقيقية للثورة الجنوبية .. ولأن الثورة ملكاً للشعب ، فلا بد أن تـُصنع قيادة الثورة من الشعب نفسه .. قيادة ثورية أمينة على مصالح الشعب وثورته العملاقة .. والشعب نفسه هو من يحافظ على بقاء القيادة ورمزيتها الثورية ..
ألا ترون معي بأن حتمية النصر صارت قريبة ، وظاهرة للعيان ؟! .

جنوبنا لا يقع في إطار يمنكم .. ورمضان كريم عليكم



جنوبنا لا يقع في إطار يمنكم .. ورمضان كريم عليكم


الجمعة 20 يوليو 2012 01:58 صباحاً
بعد العداء الواضح الذي عبرت عنه القوى السياسية في نظام صنعاء بكل أنواع الانتهاكات لحقوق الانسان الجنوبي ، رجعنا مع إخواننا المثقفين الجنوبيين نبحث (سجلات وكتب وأوراق ووثائق) في تاريخ الشعب اليمني والشعب الجنوبي ، لعلنا نجد إجابة عن أسئلة كثيرة ، منها على سبيل المثال : ما هي الروابط التاريخية والجغرافية بين اليمن والجنوب قبل الثورة اليمنية وبعدها ؟ .. ولماذا الوحدة الطوعية مع اليمن ؟ .. ولماذا الوحدة بالقوة ؟ ؛ فوجدنا أن ما وصل إليه اليوم كلا الشعبين في الجمهورية اليمنية من أزمة مأساوية ما هي إلا صناعة سياسية ذات طابع ومصالح إقليمية ودولية ، أعد لها " سيناريو قديم " بحيث كـُتبت آخر أحرفه في صنعاء ليكون " الإخراج " في عدن .

ولا شك أن القيادات الجنوبية كانوا مدركين بأنهم لن يستطيعوا القيام بدور أبطال تلك المسرحية مع حلول العام 1990م ، لكنهم أصروا على القيام بأدوار ليست أدوارهم ، ولم تكن صالحة لهم ولا لزمنهم ، في تلك المسرحية الهزلية . ومع ذلك لم تعتذر بعد أي من القيادات الجنوبية عن الاخطاء التاريخية والسياسية التي طالبهم بها الحراك السلمي الجنوبي ؛ ولم تبين كيف صارت الدولة الجنوبية الواقعة جغرافياً شرق اليمن ، تسمى " اليمن الجنوبية " في حين لا وجود لدولة تسمى " اليمن الشمالية " ؟! .

فعند قيام ثورة سبتمبر 1962م ، كان تعريف الثورة لـ (اليمن) واضحاً ، بأن الشعب اليمني (جنوباً وشمالاً) يقع في إطار الجمهورية العربية اليمنية . حيث جاء في البيان الأول الذي أعلن أسباب التخلص من الإمام ، بثـتـه إذاعة صنعاء ما يلي :" مئات السنين وبلادنا يحكمها الطغاة ، ويتـفـننون في ألوان الطغيان حتى زرعوا المذلة والمسكنة والخنوع في نفوس شعبنا ، ومنذ مئات السنين وشعبنا يسحقه الحكم الفردي بلا رحمة ولا شفـقه ، فكل إمام يرفعه الشعب إلى عرش الحكم يبدأ حكمة بمظهر الإمام الصالح ، حتى إذا ما تمكن على كرسي حكمة ظهرت أطماعة وأغراضه الشخصية  ".

وخاطب بيان الثورة اليمنية فئات الشعب اليمني قائلاً : " قامت ثورتكم اليوم لتقضي على الطغيان وتحقق للشعب الحرية والعدالة والمساواة ولتدفع شعبنا العربي في اليمن في طريق الحياة العزيزة الكريمة ، في طريق التقدم والحضارة ، في طريق الوحدة العربية الشاملة ، في طريق الإنسانية .. أنها ثورة الشعب كله ، ثورة الجنود والقبائل ، ثورة المدنيين والموظفين الصغار ، ثورة التجار وطلاب المدارس ، ثورة المهاجرين والمشردين في أنحاء العالم ، ثورة شعبنا العربي في اليمن جنوباً وشمالاً ، ثورة في جمهورية عربية يمنية ، تؤمن بالله وتؤمن بالقوة العربية ، وتؤمن بالوحدة العربية ".[المصدر : صحيفة "الأهرام" المصرية – ص7  الصادرة بتاريخ 28 سبتمبر 1962م] .

وبينت ثورة 26 سبتمبر أهدافها ، وأكدت بأنها عمّت (جميع أنحاء اليمن) ، ولم نجد في أهدافها ما سمِّي - لاحقاً - بـ "الأهداف الستة للثورة اليمنية" ؛ حيث جاء في  بيان حكومة الثورة في اليمن ، بثته إذاعة صنعاء في 28 سبتمبر 1962م : " أن الحكومة ستعمل في سياستها الداخلية على إقامة العدالة الاجتماعية في جميع انحاء اليمن ، ورفع مستوى الشعب ، والقضاء على النظام الاقطاعي ، وإزالة الخلافات القبلية ، وتشجيع رأس المال الحر على ألا يتحول إلى احتكار ". وأعلن البيان : " أن السياسة العربية والدولية للحكومة اليمنية هي إيجاد روابط أوثق مع الدول العربية المتحررة لتحقيق الوحدة العربية ومنع التدخل الاجنبي بجميع اشكاله ". [المصدر السابق ص(11) 29 سبتمبر 1962م] .

ولقد مثــّل معظم المشرّدين اليمنيين الذي أشار إليهم البيان الأول لثورة اليمن ما يقارب ثلاثة أرباع سكان عدن (نفس نسبة القبارصة اليونان في قبرص) ، فشكلوا "اتحاد نقابات العمال في عدن" الذي ضم 17 ألف شخص ، كمنظمة شعبية كبيرة جناحها السياسي حزب الشعب الاشتراكي القوي الذي عارض مشروع بريطانيا الخاص بضم عدن لـ " المحميات " في الجنوب العربي . وبذلك أوردت صحيفة " الأهرام " في عددها الصادر في 1 أكتوبر عام 1962م ص(1) تحت عنوان (الاعداد للإضراب في عدن ضد مشروع بريطانيا لإتحاد المحميات) :
 " يبحث اتحاد عمال عدن وحزب الشعب الاشتراكي وسائل مقاومة المشروع البريطاني الخاص بإدماج مستعمرة عدن في اتحاد فيدرالي مع محميات الجنوب العربي ، وأعلن عبد المجيد الاصنج السكرتير العام للاتحاد أن الاتحاد سيدعو إلى إضراب عام للاحتجاج على المشروع البريطاني ، ووصف الثورة اليمنية بأنها خطوة نحو الامام ، وقال : إننا نعتبر هذه الثورة مكسباً لجميع المواطنين الذين يؤمنون بوحدة المنطقة ".

وفي الحقيقة لا يوجد  مبرر للإدعاء بـ " وحدة المنطقة " التي نادى بها الأصنج ؛ ولكن ربما  لأن بريطانيا قد ضمت جزر كمران وبريم اليمنيتين إلى مستعمرة عدن مثلما ضمت جزر كوريا موريا العمانية ، وربما رأى العمال اليمنيين بعددهم الكبير في عدن وبالاستناد إلى سياسة حزبهم ، حزب الشعب الاشتراكي ، أنه بالإمكان جعل عدن إما  أشبه بـ (القضية القبرصية) أو بضمها إلى اليمن بدلاً من عودتها إلى أصلها التاريخي ضمن سلطنة لحج كجزء من الإتحاد الفيدرالي للجنوب العربي .

وبالرغم من أن بريطانيا قد برّأت ذمتها عند رحيلها من عدن ، بتسليمها جزر كمران وبريم لليمن ، وتسليم جزر كوريا موريا لسلطنة عمان ، إلا إن التواجد الكبير لليمنيين في عدن بعد الاستقلال ، ومشاركة بعضهم في قيادة الحزب والدولة الجنوبية ، قد ساعد على مواصلة الهدف حتى النهاية عام 1990م .. وقد كرمت اليمن منذ وقت مبكر ، السيد عبد الله عبد المجيد الأصنج ، والسيد محمد سالم با سندوه ، بمنح كل منهما عدة مناصب في حكومة صنعاء تقديراً لدورهما في المشروع الثقافي - السياسي لـ " يمننة " عدن .


مقال لصحيفة عدن الغد


اقرأ المزيد من عدن الغد | جنوبنا لا يقع في إطار يمنكم .. ورمضان كريم عليكم http://adenalghad.net/news/33014/#.Ui8IfcbWMrx#ixzz2eURnL18Q

جنوبنا لا يقع في إطار يمنكم | التغيير نت